ما يزال الغموض يلف الوضع بالعاصمة الغينية كوناكري بعد يوم من انقلاب عسكري نفذه عدد من ضباط الجيش بعيد غياب الرئيس لانسانا كونتي، بينما عقد الاتحاد الأفريقي اجتماعا طارئا لبحث الوضع بهذا البلد الواقع غربي القارة. ولم تتضح على وجه الدقة هوية الجهة التي تسيطر على البلاد بعد إعلان عدد من العسكريين بقيادة موسى داديس كامارا أمس عن حل الحكومة، وتشكيل مجلس وطني يحل محلها وتعليق العمل بالدستور إثر وفاة الرئيس. وضم المجلس 32 عضوا بينهم ستة مدنيين، ودعا رئيسه المواطنين إلى البقاء في بيوتهم، والتزام الهدوء بناء على قرار حظر التجمعات الذي تم فرضه، واستدعى المجلس العسكري وزراء الحكومة وكبار الضباط إلى الثكنة العسكرية المركزية بالعاصمة بداعي الحرص على أمنهم وسلامتهم الشخصية، وقالوا إنهم سيختارون رئيسيا عسكريا خلال الأيام المقبلة. وسعى رئيس الأركان الجنرال داريا كامارا للتحاور مع المتمردين لإقناعهم بالتزام القواعد الدستورية بهذه المستعمرة الفرنسية السابقة التي تنص على أن يصبح رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) رئيسا مؤقتا لحين إجراء انتخابات لاختيار خليفة كونتي الذي حكم البلاد منذ عام 1984. بالمقابل قال رئيس الجمعية الوطنية أبو بكر سومباري لقناة فرنسا 24 إن الانقلاب قامت به مجموعة صغيرة من العسكريين لا يمثلون الجيش كله، ووصف الوضع بأنه "محاولة انقلاب" مشككا بوقوف الجيش مع المتمردين واصفا الأخيرين بأنهم "مجرد مجموعة". ومن جانبه صرح رئيس الوزراء أحمد تيجان سواري لراديو فرنسا الدولي (أر إف إي) أن حكومته لا تزال موجودة، وستظل كذلك خلال الفترة الانتقالية، وتوقع المحللون أن يؤدي غياب كونتي الذي تجاوز عددا من المحاولات الانقلابية، أن يشعل فتيل الصراعات بين المدنيين والعسكريين إضافة إلى الاحتراب الإثني. بموازاة ذلك عقد مجلس الأمن والسلم بالاتحاد الأفريقي أمس، اجتماعا طارئا بمقر الاتحاد في أديس أبابا لبحث الوضع الغيني، بدأه بالوقوف دقيقة صمت حدادا على رحيل كونتي. وكان مفوض السلم والأمن بالاتحاد رمضان العمامرة قد أدان بشدة ما حصل بغينيا، قائلا إنه في حال ثبت وقوع انقلاب فإنه يعد خرقا فاضحا للدستور والشرعية الأفريقية التي تمنع التغييرات غير الدستورية للحكومة، من جانبهما دعت كل من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي إلى انتقال سلمي وديمقراطي للسلطة في غينيا التي تعتبر أكبر مصدر بالعالم لمادة البوكسيت التي تستخدم بصناعة الألومنيوم. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض "نحن نعمل مع شركائنا بالمنطقة والدول الأخرى والاتحاد الأفريقي لتشجيع المؤسسات بغينيا لاتخاذ كافة الخطوات اللازمة لإرساء انتقال سلمي وديمقراطي للسلطة". وأقر توني فراتو بصعوبة الموقف قائلا "من الواضح أن المنطقة مضطربة، وتاريخها لم ير في الغالب هذا النوع من الانتقال السلمي والهادئ للسلطة"، وأصدرت فرنسا أيضا بصفتها الرئيس الحالي للأوروبي بيانا جاء فيه "إن رئاسة الاتحاد تدعو كل الزعماء السياسيين والقادة العسكريين والمدنيين إلى الالتزام ببنود الدستور لضمان انتقال سلمي بهدف إجراء انتخابات حرة تتمتع بالشفافية بصفة عاجلة"، وقالت باريس أيضا إنها ستعارض أي انقلاب يحدث في مستعمرتها السابقة.