وجهت منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان اتهامات إلى إسرائيل أول أمس باستخدام ذخيرة تحتوي على فوسفور أبيض خلال الحملة العسكرية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة وحذرت من خطورة ذلك على المدنيين في مناطق القتال،فيما يستعمل الجيش الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة غازا يختنق مستنشقه ويُغمى عليه. وقالت المنظمة في بيان،إن باحثيها في إسرائيل رصدوا انفجارات متعددة في الهواء في التاسع والعاشر من جانفي لفوسفور أبيض أطلق من المدفعية بالقرب من مدينة غزة ومخيم جباليا للاجئين. وأكدت المنظمة أن إسرائيل بدا أنها تستخدم الفوسفور الأبيض لإخفاء عملياتها العسكرية "وهو استخدام مسموح به من حيث المبدأ وفقا للقانون الإنساني الدولي" على حد قولها. وأضافت المنظمة: "ولكن الفوسفور الأبيض له تأثير قوي عارض يمكن أن يؤدي إلى حروق شديدة عند الناس ويحرق المباني والحقول والمواد المدنية الأخرى في نطاق إطلاق النار، ويتعاظم احتمال وقوع أضرار للمدنيين بسبب ارتفاع الكثافة السكانية في غزة، وهي بين الكثافات الأعلى في العالم". جدير بالذكر أن وسائل إعلام عديدة ومراسلين صحفيين تحدثوا عن مثل ذلك ، ودعت المنظمة إسرائيل لوقف استخدام الفوسفور. وقال مارك جارلاسكو المحلل العسكري البارز في هيومان رايتس ووتش: إن "الفوسفور الأبيض يمكن أن يحرق المنازل ويسبب حروقا مروعة عندما يلمس البشرة". وأكدت إسرائيل في عام 2006 أنها استخدمت قذائف بها فوسفور أثناء حربها ضد مقاتلي حزب الله في لبنان. ولا تعتبر الذخائر التي بها فوسفور أبيض أسلحة كيماوية، وتشتعل هذه المادة بسهولة في الهواء عند درجات حرارة 30 درجة مئوية ويمكن أن يصعب إطفاؤها. وتدعو منظمات حقوق الإنسان منذ فترة طويلة إلى حظر عالمي على هذه الذخائر قائلة: إنها تسبب معاناة كبيرة من خلال إحداث حروق شديدة. ومن جهة أخرى يستعمل الجيش الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة غازا يختنق مستنشقه ويُغمى عليه. ووصل إلى مستشفيات شمال وجنوب القطاع خلال 48 ساعة مئات المصابين الذين استنشقوا مباشرة هذه الغاز الذي لم يستطع الأطباء الفلسطينيون والعرب الذين قدموا إلى غزة تحديد مدى خطورته على المصابين. وكان أحد المراسلين الصحفيين الذي يسكن حي الفالوجة قرب مخيم جباليا، أحد من أغمي عليهم نحو دقيقتين جراء استنشاقه. وقال الصحفي إنه ما لبث أن أغمي عليه بعد التقاطه صور دخان أبيض منبعث من قذائف دبابات الاحتلال في سماء بلدة بيت لاهيا المجاورة. وقال إن الغاز أصاب عشرات بالهلع وجعلهم يفرون باتجاه مدينة غزة بعد أن رأوا العديد ممن استنشقوه يسقطون أرضا. وقال رائد أبو رجيله الذي يسكن بلدة خزاعة قرب الشريط الحدودي جنوب شرق القطاع، إن الدبابات الإسرائيلية أمطرت بعد منتصف ليلة السبت إلى الإثنين البلدة بعشرات من القذائف التي تنشطر إلى كرات بلاستيكية حمراء ملتهبة غطت البلدة بسحاب أبيض يميل إلى الاحمرار. وأضاف أنه تفاجأ بقذيفة اخترقت سطح المنزل تتناثر منها كرات ملتهبة، ولم يبق أمامه سوى رمي طفلته وزوجته عبر نافذةٍ إلى أن وصلت سيارة الإسعاف. ويذكر رجل من المقاومة كان مع رفاق له في نقاط الرباط القريبة من الشريط الحدودي، أنه أصيب بالغثيان والنعاس والخمول وضيق شديد في الصدر وصعوبة في التنفس وألم شديد في العينين، بعدما ظللت المنطقة التي يكمن فيها غمامة تشبه الضباب. ورجح أن يكون الاحتلال أراد باستخدام الغاز الجديد -الذي غطى سماء نحو نصف كيلو متر مربع- دفع رجال المقاومة بعد شعورهم بالاسترخاء، إلى الخروج من أماكن مرابطتهم لتستهدفهم طائرات الاستطلاع والمروحيات التي كانت تعج بها سماء المنطقة المستهدفة. ويقول محمد الرنتيسي أخصائي جراحة الأعصاب في مستشفى ناصر في خان يونس الذي وصل إليه مئات المصابين، إنه لم يسبق لأطباء غزة أن تعاملوا مع مثل هذا الغاز الذي يصيب من يستنشقه بألم شديد في العينين وفي الرأس، وبالإغماء، وبأعراض أخرى مرتبطة بالجهازين التنفسي والعصبي. وعبّر عن خشيته من خطورة هذا الغاز، وقال إن الأطباء الفلسطينيين والعرب لم يجدوا طريقة للتعامل مع ضحاياه إلا إمدادهم بالأوكسجين وتعريضهم لمناطق مفتوحة. وطالب علاء البطة مدير مكتب وزير الصحة الفلسطيني في الحكومة المقالة منظمة الصحة العالمية بالضغط على تل أبيب لتفصح عن نوع الغاز الذي تستخدمه. ودعا المؤسسات الإنسانية والحقوقية إلى إرسال خبراء للتأكد من عدم خطورة هذا السلاح الجديد على صحة مستنشقيه.