في فلسطين تقف اللاءات الصهيونية الشهيرة في وجه الذين اختاروا التسوية والتفاوض على حساب المقاومة والتحرير، وعلى رأس هذه اللاءات طبعا حق عودة اللاجئين الذي يتم اليوم ترتيب التنازل عنه وإسقاطه في مختبرات الاعتدال.. ومقابل ذلك يمعن المحتل في قضم الأرض وبناء المستوطنات وتغيير الواقع الديمغرافي بكافة الوسائل والطرق وعلى رأسها التهجير. وبالرغم من العدوان والقمع ومن الحصار والتضييق، وبرغم الحرب على غزة وما رافقها من جرائم ضد الإنسانية وقتل الأطفال والنساء.. برغم كل ذلك يقبل الفلسطينيون على الحياة إقبالهم على الموت، ويفهم الأطفال ما يحدث لهم ولأهلهم، ويحملون جرح الفضية وواجب الصمود مهما كانت الغطرسة الصهيونية بالقنابل الفسفورية الحارقة.. لأشد ما أثبت الطفل الذي فقد بصره في تلك الحرب الجائرة أنّ ميراث أمه التي ربّته على قيم لا تزول حتى في أحلك المواقف، فقال للذين استجوبوه أمام الكاميرا: شكرا.. ولطالما استعانت نساء فلسطين على المقاومة بالإنجاب للوقوف في وجه المحتل الغاصب، فأنجبت نساء غزة بعد الحرب وإلى غاية كتابة هذه السطور 3700 طفل..نكالا في المحتل وغطرسته وتعلّقا بالحياة بكرامة وصبر.. كان محمود درويش محقّا حينما سئل عن أطفال فلسطين في وطن انتهكت فيه إنسانية الإنسان، قال: في فلسطين..يولد الأطفال كبارا.. أجل، في عادة كل الثورات وحركات التحرّر يؤلد الأطفال محمّلين بعبء التاريخ الذي ينسف مراحل أعمارهم ويختزلها سراعا حتى يكبروا.. هكذا هم أطفال غزةوفلسطين كلها على قلب رجل واحد من أجل تحرير الأرض والإنسان والتاريخ وتخليص القدس من آثار القدم الهمجية..! "نحن من تقطر أغنياتنا حزنا ويمشي أهلنا في الأرض هونا كم علونا العود كبرا وصمودا كم منحنا الجبل والسكّين صدرا ووريدا." أحمد عبد المعطي حجازي