لم يتراجع نتنياهو حتى الآن عن رفضه تجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما تطالب الولاياتالمتحدةالأمريكية والمجتمع الدولي ، وان حدث شيئا من هذا سيكون وطبقا لما هو معلن لفترة زمنية محدودة وبعيدا عن المستوطنات ذات الوزن الثقيل سكانيا وجغرافيا موضع الخلاف ، مقابل مكاسب لم تحصل عليها إسرائيل بعد كل الحروب أو الانتصارات التي تفاخر بها . ولكن ما لا يقبل التجميد ولا التراجع ولا المماطلة والتسويف في عقيدة وسياسة نتنياهو هو رفض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ، إيمانا منه بان حل مشكلتهم يجب أن يكون خارج إسرائيل. والشيء نفسه ينطبق على القدس التي يجب أن تبقى عاصمة إسرائيل الموحدة؟. واستجابة منه للضغوط الأمريكية والدولية اشترط نتنياهو القبول بدولة فلسطينية مقابل أن تعترف بإسرائيل دولة يهودية وان تكون هذه الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح وألا تكون لها سيطرة على الجو وليس لديها أي جيش إضافة إلى وجود تدابير تجردها من السيادة ؟. وعلى هذه القاعدة رحب ودعا إلى استئناف فوري للمفاوضات دون شروط مسبقة؟. الغريب في الأمر أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يعتبر ذلك خطوة مهمة ، ومنها سوف ينطلق لإرساء السلام في الشرق الأوسط ..؟ المؤسف حقا أن ما لا يعرفه نتنياهو أن اللاجئين الفلسطينيين لا ينطبق عليهم ولا يفيد معهم كبشر المصادرة ولا التوسع والتهويد ولا الإبادة ، وبالضرورة لا التوطين ولا التعويض . فهم يتكاثرون كالنمل وكأي خليقة وبالغريزة عيونهم على موطنهم الأصلي ولا توجد قوة على الأرض تستطيع أن تغير ذلك والتنكر لهذا الحق يؤسس لصراع اشد وانكي والى يوم يبعثون . اللاجئون بدورهم يعرفون أن قرار حق العودة ألأممي ليس مرفوضا فقط من قادة الكيان الصهيوني، وهو أحد أهم ثوابت السياسة الإسرائيلية منذ صدوره عام ,1948 وأحد أهم اللاءات الشهيرة المتفق عليها في هذا الكيان العنصري الدخيل، وأن كل هذا الضجيج حول رفض عودتهم لا داع له . وهم يتساءلون لماذا عليهم أن لا يعودوا لوطنهم وديارهم يوما وقد عاد اليهود ، كما يزعمون، بعد ألفي عام من ڤالتيه..ڤ؟ ، ولماذا لم ينسوا هم وننسى نحن والمفاتيح في جيوبنا ..؟ لقد غاب عن نتنياهو أن حق العودة حق ثابت أكدته الاتفاقيات والمواثيق الدولية وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقرارات الأممالمتحدة وفي مقدمتها قرار الجمعية العامة رقم 194 لعام 48 حيث جاء فيه ڤوجوب السماح بالعودة في أقرب وقت للاجئين الراغبين في العودة إلى بيوتهم، والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى بيوتهم، وعن كل مفقود أو مصاب بتضرر..ڤواللاجئون متمسكون بقرارات الشرعية الدولية باعتبارها الأساس لحل قضية اللاجئين وبالذات القرار 194 وضمنه حق العودة الذي يستند إلى الالتزام به قرار قبول إسرائيل في الأممالمتحدة رقم 273 لعام 1949 الذي اشترط أن ڤتكون دولة محبة للسلم متقبلة للالتزامات الواردة في ميثاق الأممالمتحدة وقراراتها.ڤ وغاب عن نتنياهو أن استناد إسرائيل إلى قرار التقسيم واعتماده كشرعية دولية لوجودها، يفرض بشكل بديهي عليها الالتزام بحق عودة اللاجئين كحل شامل دون اجتزاء أو انتقاء بما في ذلك انسحابها من الأراضي التي تم احتلالها تجاوزا لقرار التقسيم. إن الالتزام ألأممي بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة لم يزل قائما رغم كل ما يحيط بالموضوع من لغط والتفاف على الشرعية الدولية، وإن كل الجهود الرامية إلى القفز فوق الحقائق القانونية الشرعية لا سند قانوني ولا أخلاقي لها . وإن هذا الموقف العدائي التاريخي لإسرائيل تجاه اللاجئين الفلسطينيين والقضية الفلسطينية عموما، لا يلزم الشعب الفلسطيني بأقل من حقوقه التي تكفلها الشرعية الدولية المعبر عنها بقرارات الأممالمتحدة، وإن هيئة الأممالمتحدة ونظرا لمساهمة قراراتها بإنشاء إسرائيل ومعها المجتمع الدولي كذلك، ملزمون بشكل مباشر بتنفيذ قرارات هذه الهيئة وفرض حق الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم التي طردوا منها. وكان على نتنياهو عدم نسيان أن الاعتراف العربي والإسلامي والدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني، كان إقرارا منهم جميعا بمشروعها الوطني الواقعي المعبر عنه بحق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية؛ وإن هذا المشروع بالنسبة للشعب الفلسطيني ليس إمكانية تاريخية فحسب، ولكنه ضرورة وطنية ملحة وشرط بقاء، وقد لا يكون لكل ذلك قيمة تذكر عند إسرائيل لعدم احترامها للأمم المتحدة وقراراتها كمرجعية وكذلك القانون الدولي، واعتمادها على موازين القوى حكما وقاضيا، لكن كل ذلك لن يصل إلى حد الشطب والإلغاء، ولا تجوز فيه المقايضة... وإذا كان بالإمكان التخلي عن حق العودة، فإنه من باب أولى التخلي عن المشروع الوطني برمته لأنه غير قابل للتجزئة أو التصرف، ولأن ثلثي الشعب الفلسطيني من اللاجئين المشردين في 61 مخيم لجوء مؤقت، إن العودة ، وتقرير المصير ، وجهان لعملة واحدة.