أيّ شيء أهديك إياه غير كلمات تواسيك وتواسينا جميعا.. ما جدوى الكتابة وركام ألمنا أكبر من كل الكلمات والمعاني والدلالات.. الإنسان فينا يتضاءل يا عمر.. يتآكل.. ينمحق.. أأرثي صوتك مثلما رثاه سليمان؟ أأرثي وطنا يصادر العيش والملح وذكرى الإنسان؟ هذا الوطن الذي غنيت له وردّد الأطفال نشيدك قائلين: لأجلك عشنا يا وطني.. ! الوطن انتماء يا عمر.. وإذا لم يكن كذلك فتح أبوابه مشرعة لجحافل الغرباء.. أما أبناؤه فلهم البحر والهجر والحرقة.. في هذا الوطن ما يكفي من الوجع ومن هوامش الفجيعة.. في هذا الوطن ما يكفي من جنّة لأهل "المركز" وما يكفي من جحيم لأهل "الأطراف".. ! هل ما زلت تؤمن يا عمر وأنت الشاعر الكبير بالتعريف غير الصادق واقعيا اليوم والذي يقول: "بلادي وإن جارت عليّ عزيزة وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام". أي شيء أهديك وأنت يا عمر ترقد في مستشفى عين النعجة وتشعر بصقيع الحيطان والذكريات والخلاّن.. لا شيء يقف على عتبات الروح فيحرّر شبابيكها من عتمة القادم أو الراهن ..لا فرق.. نملأ الدنيا حبورا في عزّ الأيام الخوالي فإذا ما ابتلينا بفقد أو مرض أضحى التنائي بديلا عن تدانينا.. لا أملك غير أن أرفع إلى ربّ السماء أكفّ الدعاء لتشفى ويتحرّر جسدك من الألم.. أتمنى أن تعود معافى وإنه على ذلك لقدير.. شفاك الله يا عمر يا برناوي.. شفاك الله..