قرار السعودية بإغلاق سفارتها في بيروت هو حكم نهائي بفشل كل مساعي التهدئة في لبنان، فالقرار يعني أولا أن الرياض أيقنت بأن الأوضاع ستزداد سوء وأن ما هو آت أخطر بكثير من كل ما جرى. قبل أن تصل الرياض إلى هذا القرار الانفرادي الشاذ عن الموقف العربي كانت قد حاولت إدانة حزب الله عن طريق اقتراح تم تقديمه من قبل المصريين لوزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا لدراسة الوضع في لبنان، وبعد إسقاط مشروع القرار عارضت السعودية وحلفاؤها رئاسة قطر للجنة الوزارية العربية غير أنها لم تكن قادرة على إعلان موقفها صراحة فكان ردها على اجتماع القاهرة إغلاق السفارة في لبنان وهو ما يعني أن المواجهة ستزداد حدة خلال الأيام القادمة وسائل الإعلام السعودية داخل المملكة وفي لبنان ودبي ولندن وعلى رأسها قناة العربية تركز الآن هجومها على المعارضة التي تختزلها في حزب الله وتصر على اعتبار ما يجري في لبنان حربا على السنة حتى وإن كانت المعارضة، مثلها مثل الموالاة، تضم كل الطوائف اللبنانية دون استثناء، وحسب الصورة التي تروجها وسائل الإعلام هذه فإن الشيعة يقتلون السنة في لبنان تماما مثلما يفعلون في العراق حتى وإن كان دور الرياض حاسما في تسهيل الاحتلال الأمريكي للعراق وجعله يسقط في أيدي من يسمونهم اليوم "الصفويون الجدد". لا نجد شيئا عن دور أمريكا وإسرائيل، ولا أحد في معسكر "الاعتدال" الذي زكاه بوش يشير إلى الماضي الدموي لسمير جعجع، ولا أحد يقول لنا مع من تشتبك هذه المعارضة أو حزب الله إذا لم تكن هناك مليشيات، فالسلاح اليوم في يد الجميع وإذا كانت سوريا وإيران متهمتان بتسليح حزب الله فإن المولاة أيضا تتلقى السلاح من الدول التي تدعمها صراحة ودون مواربة، والفرق هو أن هؤلاء يتسلحون لمحاربة إخوانهم في الوطن في حين يتسلح حزب الله للدفاع عن الوطن وأبنائه والأدلة حاضرة لتثبت ذلك. إن ما سيحدث في لبنان، بحسب التوقع السعودي المتشائم، سيكون حربا أمريكية إسرائيلية على المقاومة تنفذ بأدوات لبنانية وبتمويل وتحريض عربي وقد حان الوقت ليختار كل واحد معسكره.