دعا السعيد مقدم الأمين العام لمجلس الشورى المغاربي إلى إعادة نسج العلاقات المغاربية في شكل شراكة حقيقة، معتبرا أن هذه المسؤولية لا تقع على عاتق حكومات بلدان المنطقة فحسب بل أيضا هي مهمة المجتمعات المغاربية بمختلف تشكيلاتها، معتبرا أن المنطقة في حاجة إلى مواطنة مغاربية في فضاء مغاربي أوسع، مشددا على ضرورة تحسين المناخ الملائم لذلك. شكل الاتحاد المغاربي موضوع الندوة الفكرية التي نظمها أمس مركز" الشعب" للدراسات الاستراتيجية ونشطها الدكتور أمحند برقوق بحضور سفراء بعض الدول المغاربية وعدد من الشخصيات الوطنية والأساتذة الجامعيين والطلبة إلى جانب رجال الإعلام. وخلال المحاضرة التي ألقها السعيد مقدم الأمين العام لمجلس الشورى المغاربي تحت عنوان" أفاق الاتحاد المغاربي"، أوضح المتحدث أنه أصبح من الضروري في الوقت الراهن تطوير مؤسسات الاتحاد قصد مسايرة التطورات والتغيرات التي يعرفها العالم في مختلف المجالات، على أن تكلل هذه الخطوة بخطوات أخرى على رأسها تحسين العلاقات البينية بين مختلف بلدان الاتحاد. ومن ضمن المقترحات التي تقدم بها المتحدث في هذا الشأن نجد مقترح ترقية مجلس الشورى المغاربي إلى برلمان يتمتع بصلاحيات مماثلة لتلك التي تتمتع بها برلمانات التكتلات الجهوية وكذا انتخاب أعضائه عن طريق الاقتراع المباشر ومنحهم صلاحية المصادقة على الاتفاقيات المشتركة لبلدان الاتحاد. وفي هذا الصدد انتقد السعيد مقدم انخفاض نسبة المبادلات التجارية بين بلدان الاتحاد إلى أقل من 3 بالمائة، مقابل ارتفاع نسبة مبادلات هذه الدول مع بلدان الضفة الشمالية للمتوسط، كما أشار من جهة أخرى إلى أن اتحاد المغرب العربي وعلى الرغم من أن مجموع الاتفاقيات والقرارات والتعليمات ذات الطابع الاقتصادي والفلاحي التي قد صادق عليها منذ تأسيسه وصلت إلى 37 اتفاقية، إلا أنه لم يتم المصادقة سوى على 7 منها فقط. وعليه دعا المتحدث إلى ضرورة وضع حد لذلك من خلال إعادة النظر في القوانين التي تضبط مؤسسات الاتحاد، من أجل بناء شراكة فعالة تخدم مصالح شعوب المنطقة، مشددا على ضرورة إعادة النظر في بعض المقترحات المتعلقة بقضية تفويض بعض الصلاحيات من مجلس الرئاسة إلى المجالس واللجان المتخصصة ومسألة الاجتماع عند اتخاذ القرار التي "تحتاج إلى مراجعة". ومن جهة أخرى، اعتبر الأمين العام لمجلس الشورى المغاربي أن تعزيز أواصر التعاون بين بلدان الاتحاد ليس من مسؤولية الحكومات فقط، بل هو من مسؤولية الجميع لا سيما تنظيمات المجتمع المدني التي لا بد وأن تنخرط في مسار بناء الصرح المغاربي، كما أكد السعيد مقدم في نفس السياق، أن الاتحاد المغاربي مازال في يبحث بين شعوب المنطقة عن مواطنة مغاربية في فضاء مغاربي أوسع، مشيرا إلى أن هذه المواطنة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال تنشيط وتيرة العمل المغاربي وتكييف المنظومة المغاربية كرسالة لبناء المنطقة، وتوفير المناخ المناسب لهذا النوع من المواطنة عبر تطوير المناهج التربوية والمنظومة التشريعية. وقد شهدت الندوة عدة تدخلات لبعض الحاضرين ومن بينهم محمد بوعزارة الذي طرح فكرة تليين سياسات بلدان المنطقة من أجل تجسيد مشروع الاتحاد المغاربي، ومحمد الصادق بوقطاية الذي أوضح أن إقامة هذا الاتحاد من دون حل مشكلة الصحراء الغربية أمر مستبعد، إلى جانب عبد الرحمان بلعياط عضو الهيئة التنفيذية بحزب جبهة التحرير الوطني الذي دعا إلى ضرورة الاهتمام بالمقاربة الاقتصادية للاتحاد إلى جانب مقاربات أخرى رياضية وثقافية وغيرها، اما الدكتور"جفال" أستاذ مادة دراسات المغرب العربي بقسم الماجستير بجامعة الجزائر، فقد وصف الصرح المغاربي بالحلم العنيد، معتبرا أن هذا المشروع قد أصبح مطلبا خارجيا أكثر منه داخلي.