ما قاله الصحافي الأمريكي سيمور هيرش عن إشراف نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني مباشرة على وحدة سرية للاغتيالات أسستها إدارة بوش لا يمكن أن يكون مجرد تهم مجانية، فقد أثبت هيرش مصداقيته في مناسبات عديدة، كما أثبت تشيني في مناسبات كثيرة أنه مجرم حرب ومخادع ولص محترف. إدارة مجرم الحرب بوش كانت تسير كمنظمة إجرامية، وقد ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وحولت أعظم قوة في العالم إلى دولة مارقة، تحتل الدول خارج نطاق القانون، وتقيم المعتقلات السرية، وتبيح القتل والتعذيب بشكل منهجي، وهي لم تكتف بخرق القانون الدولي بل تجاوزت القوانين الأمريكية ووضعت مؤسسات الدولة الأمريكية مثل الكونغرس وحتى أجهزة المخابرات على الهامش. إشراف نائب الرئيس شخصيا على وحدة سرية للاغتيالات يؤكد أن الإدارة الأمريكية كانت مكونة من مجموعة من القتلة المتعطشين للدماء، والأمر بالنسبة لهم يتجاوز مواجهة ما يسمونه الإرهاب ليتحول إلى تصفية حسابات شخصية، فقد تحول القانون الأمريكي، فضلا عن القانون الدولي، إلى عائق أمام إشباع الرغبة في القتل، حيث كان يعتبر بوش ونائبه المجرم أن القانون الأمريكي يعطي لمن يصفونهم بالأعداء فرصا للنجاة لا يستحقونها. هذا مثال آخر على الجرائم التي ارتكبتها إدارة بوش، فبعد فضائح أبو غريب والسجون السرية في أوروبا وعمليات الاختطاف في أنحاء كثيرة من العالم، وعار غوانتنامو، يتبين للعالم أن الأمر لم يكن مجرد أخطاء أو تجاوزات فردية ارتكبها أشخاص منحرفون، بل هو سياسة دولة تم اعتمادها على أعلى مستوى، وعندما يكون نائب الرئيس هو المشرف على القتل خارج نطاق القضاء فإن الأمر يصبح جريمة دولة. من محاسن الصدف أن يتزامن الكشف عن هذه الحقيقة مع تصريحات الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز الذي دعا أمس من الدوحة إلى محاكمة مجرمي الحرب الأمريكيين وعلى رأسهم بوش بدل مطاردة الرئيس السوداني، غير أن كثيرا من العرب لا يحبون سيمور هيرش ولا هوغو شافيز.