اتهمت صحيفة "نيويوركر" الأمريكية إدارة الرئيس جورج بوش بالتخطيط مع إسرائيل للعدوان على لبنان، مشيرة إلى أن مسئولين إسرائيليين ناقشوا الخطة مع نظرائهم الأمريكيين حتى قبل عملية حزب الله التي أسر فيها جنديين إسرائيليين. شروق أون لاين/الوكالات وقال سيمور هيرش -وهو من أبرز كتاب الصحيفة- في عددها لهذا الأسبوع والذي نشر على موقعها على شبكة الإنترنت أمس الأحد: إن مستشارًا بالحكومة الأمريكية على علاقة وثيقة بإسرائيل أخبره بأن خطة الهجوم على لبنان "كانت معدّة سلفًا"، وأن إسرائيل "اتخذت عملية حزب الله مبررًا لتنفيذها". ونقل هيرش عن المسئول الأمريكي -الذي رفض ذكر اسمه متعللاً بحساسية القضية- قوله: "بدأت إسرائيل بعرض الخطة على نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، حيث أرادت الحصول على تأييده ودعم مكتبه، ثم عرضتها على مسئولين في قسم الشرق الأوسط بمجلس الأمن القومي الأمريكي؛ لمعرفة وجهة نظرهم ونصائحهم في هذا الشأن". وأكد هيرش أن مسئولين إسرائيليين زاروا واشنطن أوائل الصيف الجاري؛ للحصول على دعم الإدارة الأمريكية لشن هجوم على حزب الله. وأضاف المسئول الأمريكي: "أراد المسئولون الإسرائيليون الحصول على ضوء أخضر لتنفيذ الخطة ومعرفة إلى أي مدى يمكن أن تساعد واشنطن تل أبيب في خطتها". وأشار إلى أن: "موافقة تشيني كانت هي الأهم؛ لأن إقناع بوش بالخطة ليس أمرًا صعبًا". وقال هيرش: إن المسئولين الأمريكيين رفضوا الإجابة عن قائمة طويلة من الأسئلة والاستفسارات حول ما إذا كانت واشنطن قد ساعدت بالفعل في وضع خطة العدوان على لبنان. غير أنه دلّل على مباركة إدارة بوش للعدوان الإسرائيلي برفض البيت الأبيض المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار على الساحة اللبنانية منذ اندلاع الحرب في 12 يوليو الماضي، فضلاً عن إرسالها قنابل ذكية لتعزيز قدرات الجيش الإسرائيلي في مواجهة حزب الله. وأشار هيرش إلى أن مسئولين أمريكيين حاليين وسابقين أبلغوه بأن إسرائيل انتهزت فرصة خطف الجنديين الإسرائيليين لتبرير شن الحرب على لبنان. مصداقية نصر الله تأتي هذه المعلومات لتؤكد مصداقية الخطاب الذى أدلى به مؤخرًا الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله والذي شدد فيه على أن إسرائيل وضعت مسبقًا خطة العدوان على لبنان، وأن عملية أسر الجنديين الإسرائيليين هي التي عجلت بتنفيذ هذا المخطط. على صعيد آخر قال المسئول الأمريكي: إن إدارة بوش اعتقدت أن هجوم إسرائيل على حزب الله سوف يكون بمثابة حرب بالوكالة مع إيران. وأضاف: "أخبرنا الإسرائيليون بأنها ستكون حربًا بسيطة وغير مكلفة، وأنها تنطوي على فوائد كثيرة". وأوضح خبير في شئون الشرق الأوسط للصحيفة الأمريكية أن إدارة بوش تصورت أن بإمكانها "ضرب عصفورين بحجر واحد"، من خلال مهاجمة إسرائيل لحزب الله. وقبل الحرب بأيام قليلة، حاولت واشنطن -كما قال هيرش- تهيئة الرأي العام لتقبل تلك الاعتداءات، حيث وصف بوش كل من حزب الله وسوريا وإيران بأنهم السبب الرئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة. سيناريو كوسوفو من جهة أخرى قال المسئول الأمريكي: إن الإسرائيليين أخطئوا عندما تصوروا أنهم يمكنهم تكرار سيناريو "كوسوفو" لتحقيق أهدافهم في لبنان، في إشارة إلى القصف المكثف لقوات الناتو بقيادة الولاياتالمتحدة للبنية التحتية بصربيا وكوسوفو من طرق وجسور وغيرها لمدة 100 يوم في عام 1999؛ وهو ما أرغم القوات الصربية على الانسحاب من كوسوفو. وقال المسئول الأمريكي: إن هذه الإستراتيجية ثبت فشلها، حيث أصبح نصر الله بطلاً في عيون الشعوب العربية والإسلامية، وانتشرت صوره في كافة العواصم التي رفعت صوره بجوار العلم اللبناني. وقال هيرش: "حتى هؤلاء الذين يدعمون إسرائيل في مواجهة حزب الله، باتوا يتفقون على أنها فشلت في تحقيق هدف أساسي لها، وهو تعبئة الشعب اللبناني ضد حزب الله". درس لأمريكا وعلى جانب آخر، نصح مساعد وزير الخارجية الأمريكية السابق ريتشارد أرميتاج إدارة بوش بأن تفكر أكثر من مرة في الخسائر التي تكبدتها إسرائيل في غضون شهر واحد. وقال: إنه إذا لم تكن القوة العسكرية الكبرى في المنطقة وهي إسرائيل قادرة على حسم المواجهة مع بلد مثل لبنان الذي لا يتجاوز عدد سكانه 4 ملايين نسمة "فعلينا أن نفكر كثيرًا قبل أن نتخذ خطوة مشابهة ضد إيران التي يبلغ عدد سكانها 70 مليون نسمة". وتابع أرميتاج قائلاً: "الشيء الوحيد الذي أسفرت عنه الحرب، هو توحيد كافة طوائف الشعب اللبناني ضد الإسرائيليين".