الدول النامية المأخوذة بضعفها في مجابهة الإعصار المالي العالمي، لا مكان لها في موائد الكبار الذين يتناسون أن الأزمة الاقتصادية سرطان يخترق العالم الكوني ويختلط مع غلافه الجوي ويظهر بأعراضه الخطيرة التي لا تعالج بنظريات فكرية أو قوانين علمية أو بقمم عالمية ،فهو الداء الذي لا دواء له أصاب الإنسان في عمق كيانه العقلي وانتعش في عالم لا يسوده منطق العدل. وفتحت إدارة البيت الأبيض الأبواب لمنتدى اقتصادي جديد، لا يدخله إلا الكبار فقط، ليبقي الصغار في منظور العالم الصناعي المتقدم مجرد تابع في عالم لا يرحم دولا مازالت تحبو في سن النمو ألأول ولم تأخذ بعد لقاح التحصن من الداء الاقتصادي. ولا يشخص المرض الاقتصادي في مختبرات طبية ولا يحلل بمنطق المعادلات الكيميائية فجرثومته الوبائية لا تتحلل إلى جزيئات تكشف عن تعقيدات حركتها الذرية، ولا يملك المصاب به حق الاستلقاء على أسرة الشفاء فهو المريض غير المضمون اجتماعيا وعلته حالة استعصى علاجها دواءها ليس أكثر من قيمة أخلاقية مفقودة.. هي ببساطة "العدالة" الغائبة في حلبات صراع عالمي غير متكافئ. ذلك هو مرض "الاقتصاد السياسي" الوباء المنتشر في قارات العالم الخمس يأكل الفقراء ويشل الأغنياء، ويحاصر بكآبته المقلقة الساسة ويقيد المقتصدين ويمد بأوقات الحالمين برخاء منتظر. ويطبق النظام العالمي الجديد وهو يدير عجلة الاقتصاد الكونية الآن بآليات منتظمة نظام استغلالي، تركزت فيه قوة الاقتصاد وفاعلية السياسية بيد القوى الكبرى التي وضعت قواعد التجارة الدولية والنظام النقدي وحركة المال تحت تصرفها لضمان مصالحها الإستراتيجية الكبرى على حساب الدول النامية ..الواقعة ضمنا تحت سيطرة "الاستعمار الجديد" والغارقة في هموم الفقر والبطالة وانعدام قدرة الاعتماد على الذات، هو الشكل العنصري، في نظام اقتصادي غير متوازن, تمييز عنصري على مستوى عالمي هو الأشبه بصورة مصغرة لما شهدته "جنوب إفريقيا" حيث يحقق المستوطنون البيض تقدمهم في مسيرة الرخاء وتزداد ثرواتهم من خلال استغلالهم للأفريقيين السود الأحياء تحت حافة الفقر.. فكل القوانين والسياسات التي كانت سائدة في نظام الميز العنصري كان من شأنها أن تجعل من المستوطنين البيض الأكثر غنى، ومن الأفريقيين السود الأكثر فقرا.. مازالت باقية بأشكال أخرى والدليل موائد الكبار الممنوعة على دخول الصغار.