معسكر : إبراز أهمية الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة في الحفاظ على التراث الثقافي وتثمينه    عُنف الكرة على طاولة الحكومة    دعوة إلى تحصين مهنة الصحافة وتعزيز أدائها    250 شركة أوروبية مهتمة بالاستثمار في الجزائر    الصناعة العسكرية.. آفاق واعدة    غزّة تغرق في الدماء    صندوق النقد يخفض توقعاته    شايب يترأس الوفد الجزائري    الصحراء الغربية: المخزن فشل في مخططاته الاستفزازية و"مسيرة الحرية" متواصلة رغم الترهيب والتضليل    توقيف 38 تاجر مخدرات خلال أسبوع    وزير الثقافة يُعزّي أسرة بادي لالة    بلمهدي يحثّ على التجنّد    صحة : الجزائر لديها كل الإمكانيات لضمان التكفل الجيد بالمصابين بالحروق    تيميمون : لقاء تفاعلي بين الفائزين في برنامج ''جيل سياحة''    معالجة النفايات: توقيع اتفاقية شراكة بين الوكالة الوطنية للنفايات و شركة "سيال"    البليدة: تنظيم الطبعة الرابعة لجولة الأطلس البليدي الراجلة الخميس القادم    السيد عطاف يستقبل بهلسنكي من قبل الرئيس الفنلندي    مالية: تعميم رقمنة قطاع الضرائب في غضون سنتين    معرض أوساكا 2025 : تخصيص مسار بالجناح الوطني لإبراز التراث المادي واللامادي للجزائر    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51355 شهيدا و117248 جريحا    تصفيات كأس العالم لإناث أقل من 17 سنة: المنتخب الوطني يواصل التحضير لمباراة نيجيريا غدا الجمعة    أمطار رعدية ورياح على العديد من ولايات الوطن    المسيلة : حجز أزيد من 17 ألف قرص من المؤثرات العقلية    الجزائر الآمنة المستقرة تزعج الكثير من الكيانات والأنظمة    وفاة المجاهد عضو جيش التحرير الوطني خماياس أمة    الجزائر تجدد التزامها الثابت بدعم حقوق الشعب الفلسطيني    اختتام الطبعة ال 14 للمهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية    قانون التعبئة العامة يحدّد المسؤوليات في مواجهة التحدّيات    استحضار لبطولات وتضحيات الشهداء الأبرار    جريمة التعذيب في المغرب تتغذّى على الإفلات من العقاب    تعليمات لإنجاح العملية وضمان المراقبة الصحية    3آلاف مليار لتهيئة وادي الرغاية    شركة عالمية تعترف بنقل قطع حربية نحو الكيان الصهيوني عبر المغرب    مناقشة تشغيل مصنع إنتاج السيارات    جهود مستعجلة لإنقاذ خط "ترامواي" قسنطينة    145 مؤسسة فندقية تدخل الخدمة في 2025    البطولة الافريقية المدرسية: انهزام المنتخب الجزائري أمام جنوب افريقيا (0-2)    محرز يواصل التألق مع الأهلي ويؤكد جاهزيته لودية السويد    بن زية قد يبقى مع كاراباخ الأذربيجاني لهذا السبب    وفد تشيكي من مدرسة براغ للسينما يزور المعهد الوطني العالي للسينما    بيتكوفيتش فاجأني وأريد إثبات نفسي في المنتخب    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    "شباب موسكو" يحتفلون بموسيقاهم في عرض مبهر بأوبرا الجزائر    الكسكسي الجزائري.. ثراء أبهر لجان التحكيم    تجارب محترفة في خدمة المواهب الشابة    بطولة الرابطة الأولى: رئيس الاتحادية يدعو الأندية إلى ضمان السير الحسن للمقابلات في إطار التنافس النزيه    تقاطع المسارات الفكرية بجامعة "جيلالي اليابس"    البطولة السعودية : محرز يتوج بجائزة أفضل هدف في الأسبوع    هدّاف بالفطرة..أمين شياخة يخطف الأنظار ويريح بيتكوفيتش    رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية    عصاد: الكتابة والنشر ركيزتان أساسيتان في ترقية اللغة الأمازيغية    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    صناعة صيدلانية: رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية و ضبط تسويقها    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاعتراف والاعتذار والتعويض حقوق ،، فأين المُطالب؟

ملف العلاقات الجزائرية الفرنسية مثقل بالقضايا الشائكة التي لم تحل إلى يومنا هذا لسبب أو لآخر. والملاحظ أنه ومنذ اتفاقيات إفيان لم تطرح أي قضية من هذه القضايا على طاولة الحوار رسميا بين البلدين حتى تتم تسويتها نهائيا. ولم يسجل تاريخ العلاقات بين البلدين أي إنجاز يحسب لفرنسا التائبة عن جرائمها، أو للجزائر الساعية لاسترداد حقوقها، وكل التقدم الذي حصل في اعتراف فرنسا بالحرب التحريرية بأنها كانت حربا استعمارية، أو رفع الحصانة والتكتم عن بعض جرائمها وجرائم جنرالاتها وغير ذلك، كان نتاج نضال فرنسي ليس للجزائر فيه أي فضل.
فرنسا ولأنها لم تشعر في أي لحظة بأنها مضايقة دوليا من طرف الجزائر جراء جرائمها، مضت في غيها ونكرانها وطمسها للحقائق حتى بعد عشرات السنين من استعادة الجزائر لاستقلالها، فلم تتوانى في استصدار قانون يمجد تاريخها الاستعماري ويهين ذاكرة الشهداء والمجاهدين ويشتم ضمير الأمة الجزائرية. ومع ذلك فإن الجزائر استمرت في نفس أسلوب ردة الفعل السلبية التي لم تغير من الأمر شيئا، ولم تشكل أي ضغط على فرنسا الرسمية يجعلها تتراجع أو تعيد حساباتها.
* "هدرة" .. وكلام جرائد!
وكلما أثير ملف العلاقات الجزائرية الفرنسية كلما طفت على السطح نفس القضايا: الاعتذار عن قانون العار والاعتراف بالجرائم الاستعمارية في حق الإنسان والعمران والاقتصاد، والتعويضات وما إلى ذلك.. إلا أن الغريب أن هذه المسائل وعلى جسامتها لم تفسد للود قضية فظلت الزيارات المتبادلة والحلم بعلاقات متميزة، والسعي إلى إعادة تأسيس العلاقات عناوين بارزة في بروتوكولات البلدين، وظلت المطالب الجزائرية والاحتجاجات مجرد خطابات داخلية للاستهلاك المحلي، "هدرة" .. وكلام جرائد لم ترق في أي لحظة إلى تحرك لا رسمي ولا جمعوي باتجاه سواء فرنسا أوالمؤسسات الدولية المختصة في هكذا قضايا، وظلت المطالب الجزائرية مجرد صرخة في واد، فما السر يا ترى وأين مكمن الخلل؟
حقيقة أن الساحة السياسية والإعلامية عرفت وتعرف غليانا كبيرا كلما أثيرت مسألة الاستعمار أوحلت ذكرى من ذكريات الثورة أو المجازر الاستعمارية، أو اقتربت زيارة بين البلدين، لكن دون أن يصل شيء منها إلى فرنسا، وحتى عندما تُحرج السلطات الفرنسية داخليا يؤكد أكثر من مسؤول أن الحكومة الفرنسية لم تتلق أي كتاب رسمي من الجزائر، ولا طلب من نظيرتها الجزائرية بهذه المسألة المثارة أو تلك. وحقيقة لم يحدث أن كان هذا الحديث السياسي والإعلامي موضوع العلاقات الرسمية بين البلدين، أو المحادثات الثنائية بينهما، وهذا ما تثبته البيانات الرسمية أو الاتفاقيات أو المشاريع بين البلدين.
فرنسا كانت دائما تتصرف كدولة مؤسسات سواء في استعمارها وجرائمها كإمبراطورية استعمارية، أو في حقبة ما بعد الموجة الاستعمارية، فقد شنت حروبها باسم الجمهورية وقيمها وقوانينها،ومجدت تلك الحقبة أيضا باسم الجمهورية ومؤسساتها وتوقيعها. فعندما أرادت أن تضفي الشرعية والطابع الحضاري على ممارساتها الاستعمارية لم تكتف بالتغني بذلك في الخطابات والكتابات الإعلامية بل رسمت ذلك بقانون أصدره البرلمان وحاز تزكية ممثلي الشعب الفرنسي باسم الشعب واسم الجمهورية وقيمها الحضارية.
والغريب أن ردة الفعل الجزائرية لم تكن في نفس المستوى، ولا من نفس العيار. بل بدت الجزائر زاهدة في حقوقها. فلم يحدث أن أصدر البرلمان قانونا مضادا يجرم الاستعمار ويمجد الثورة والحرية والاستقلال، ولم يحدث أن أودعت الدولة الجزائرية احتجاجا رسميا لدى نظيرتها الفرنسية، ولم تطلب الجزائر رسميا من فرنسا الاعتذار أو التعويض أو الاعتراف بجرائمها، ولم يحدث أن اتصلت جهات جزائرية رسمية معنية كوزارة المجاهدين أو منظمة المجاهدين .. بالهيئات الدولية أو المحاكم الدولية ذات الاختصاص ورفعت قضية ضد فرنسا أومجرميها!!
* فرنسا والحاجة إلى جدية ليبية
وعندما أُثيرت نفس القضية بين ليبيا وإيطاليا ودفعت هذه الأخيرة تعويضات مالية ومساعدات لليبيا، ارتفعت أصوات إعلامية وسياسية محلية في الجزائر مطالبة فرنسا بأن تقتدي بإيطاليا وتحذو حذوها، وفات الجميع أنه وقبل أن نطالب فرنسا أن تقتدي بإيطاليا، يجب أن تتصرف الجزائر كما تصرفت ليبيا بنفس العزيمة والإصرار. ومع ذلك كانت فرنسا تتكرم بين الفينة والأخرى بالرد على تلك المطالب بالرفض الواضح، ففي الجزائر وعلى رأس الأشهاد رفض ساركوزي الاعتذار، وطيب خاطر الغاضبين من غير الرسميين بالاعتراف بحدوث بعض الأخطاء ولكن من الجانبين بما يعني إساءة أخرى تساوي بين الجلاد والضحية؟
فما الذي يمنع الجزائر الرسمية من الانتقال من مرحلة الأقوال إلى مرحلة الأفعال؟. وما الذي يمنع الدولة الجزائرية وهي صاحبة حق تاريخي من أن تعامل الدولة الفرنسية بنفس الندية على الأقل تصريحا بتصريح، تحركا رسميا بتحرك رسمي، قانونا بقانون... وما الذي يمنع الرئيس بأن يطالب رسميا ومن على منبر الجمعية الوطنية الفرنسية من فرنسا أن تعترف بجرائمها، وتعتذر للجزائريين وتقدم تعويضات عما سلبته من الجزائر لترميم ما يمكن ترميمه من ذاكرة الجزائريين الجريحة.
* السِّنُّ بالسِّنِ على الأقل
وما الذي يمنع مؤسسات الجمهورية من التحرك لدى نظيراتها الفرنسية، أو لدى المؤسسات الدولية؟ فما الذي يمنع البرلمان من استصدار قانون شرف يرد به على قانون العار الفرنسي يمجد فيه قيم الحرية والاستقلال والحرب التحريرية ويقدسها ويجرم كل من يسيء إليها؟ وما الذي يمنع الخارجية الجزائرية من إعداد ملف ثقيل وتقديمه للكي دورسي حتى لا يكون لفرنسا أية حجة أو تبرير؟
وما الذي يمنع وزارة المجاهدين أن تتأسس كطرف في قضايا ترفعها لدى محكمة لاهاي أو المحكمة الجنائية ضد فرنسا الاستعمارية وجلاديها من العسكريين ومجرميها من السياسيين فالأرشيف مليء بالإدانات التي يكفي أن تنقل رسميا وتودع لدى هذه الهيئات لتجعل فرنسا تستحي من فظاعة تاريخها ومن جرائم مسؤوليها.
* ما ضاع حق وراءه مُطالب..
بالمختصر المفيد ما الذي يمنع الجزائر الرسمية ومؤسساتها من رئاسة الجمهورية إلى منظمة المجاهدين مرورا بكل المؤسسات المعنية بأن تضفي شيئا من الجدية على مطالبها تجاه فرنسا بتبنيها وترسيمها، لأن الأمر يتعلق بذاكرة الشهداء ودمائهم، وشرف المجاهدين وتضحياتهم، إنه يتعلق بكل بساطة بحق تاريخي لأمة مجاهدة لا يحق لأي كان أن يفرط فيه أو يتلاعب به أو يساوم به في صفقات رخيسة.
لقد آن الأوان للجزائر الثورية أن تتحرك وتنفض غبار الإذعان الذي غطى بريقها، وأن تتعامل مع فرنسا بأنفة الثورة وشموخ الثوار، لأن هذه أمانة ثقيلة. فلا يعقل أن تتأخر الجزائر حتى عن هذا الركب ركب استرجاع الحقوق وأداء الأمانات إلى أهلها فكل الشعوب تقريبا عرفت كيف تسترجع شيئا أو بعضا من حقوقها ولو معنويا، من اليهود الذين أكلوا الدنيا ابتزازا، ويقولون هل من مزيد، إلى الشعب الليبي الشقيق مرورا بالأرمن والهنود الحمر وغيرهم... فلماذا يحرم الجزائريون من ذلك؟ فما ضاع حق وراءه مُطالب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.