ينظم نهار اليوم الأخصائيون النفسانيون تجمعا أمام مقر وزارة الصحة، احتجاجا على الاتفاق الذي تم توقيعه مع هذه الأخيرة في 17 سبتمبر 2008، ورفضت المديرية العامة للوظيف العمومي الاستجابة لتنفيذ ما جاء فيه، ولاسيما منه التصنيف الذي تضمنه، وجملة من القضايا الأخرى. مرة أخرى يعود الأخصائيون النفسانيون للاحتجاج، والتعبير عن قلقهم وتذمرهم من الوضعية الاجتماعية والمهنية الصعبة التي هم فيها منذ عدة سنوات، وهذه المرة أمام مقر وزارة الصحة، حيث من المقرر أن يتجمعوا على الساعة الحادية عشر، ويطالبون من الوزارة تحريك الوضع، من أجل تحقيق المطالب الاجتماعية المهنية، المقدرة بإحدى عشر مطلبا. وحسب ما صرح به الأستاذ خالد كداد، رئيس النقابة الوطنية للأخصائيين النفسانيين يوم الثلاثاء الماضي، فإن هذا التجمع يأتي مباشرة عقب التجمع السابق، الذي انتظم في نفس اليوم أمام مقر المديرية العامة للوظيف العمومي، وتمكن وفد عن الأخصائيين النفسانيين من مقابلة المفتش العام للمديرية. ومثلما هو معروف، فإن هذا اللقاء الثنائي لم يسفر عن أية نتيجة، فرغم أن الوفد النقابي الذي ترأسه خالد كداد أبلغ المفتش العام بكافة المطالب المرفوعة، إلا أن هذا الأخير تجاهل تماما هذه المطالب، وأظهر للوفد قناعة أخرى، تقضي أن ليس له ما يقدمه لهم إطلاقا في كل هذه المطالب الإحدى عشر، بل وأحالهم على وزير الصحة السعيد بركات، محملا إياه مسؤولية التصرف في الاتفاق الثنائي الذي كان وقعه مع نقابة الأخصائيين النفسانيين في 17 سبتمبر 2008، وهذا الرد الرسمي من المفتش العام للوظيف العمومي هو حسب رئيس النقابة الذي حتم على الأخصائيين النفسانيين من التوجه من جديد نحو مقر وزارة الصحة نهار اليوم، والمطالبة منها ومن وزيرها السعي نحو الجهات الرسمية المعنية الأخرى من أجل تلبية المطالب المرفوعة، ولاسيما الموقع على تلبيتها في الاتفاق المشار إليه سابقا. هذا الموقف الصادر عن المديرية العامة للوظيف العمومي، والذي ينص أساسا على عدم استعدادها على تصنيف هذه الشريحة العمالية في الدرجة 13 وفق ما تطالب به هذه الشريحة، هو الذي دفع الأستاذ خالد كداد للقول، أن مديرية الوظيف العمومي لا تريد التفاوض مع الشركاء بشأن المطالب المرفوعة، بل تريد أن تملي عليهم شروطها، وهذا الموقف في حد ذاته يملي علينا التوجه إلى وزارة الصحة، وممارسة الضغط على الوزير، من أجل دفعه لاتباع أسلوب التحكيم. ويتوقع أن يشارك في هذا التجمع الأخصائيون النفسانيون العاملون بالعاصمة والولايات المجاورة، وعدد من ولايات الوطن الأخرى، ونشير إلى أن مجموع الأخصائيين بالعاصمة هو حوالي 1750 أخصائي، وعلى المستوى الوطني حوالي 3600 أخصائي وأول ما يطالبون به اليوم هو إعادة تصنيفهم في الدرجة 13، على غرار ما هو معمول به مع الجامعيين الآخرين، إلى جانب المطالب الأخرى في تثمين خدمة الفحص، التمثيل على مستوى المجالس العلمية والإدارية في قطاعات الصحة، التمثيل على مستوى اللجان متساوية الأعضاء، توفير وسائل العمل للأخصائيين، إدماج الأخصائيين المتعاقدين، والتكوين المستمر. وما يلاحظ بالفعل عن هذه الشريحة، أنها من الشرائح التي تعاني اجتماعيا ومهنيا، وأجورها الشهرية هي من أضعف الأجور، رغم أنها جامعية التكوين، وكانت ومازالت مرشحة للعب الأدوار الأولى في معالجة ومداواة الكثير من الظواهر والأمراض النفسية الاجتماعية المتفشية في المجتمع الجزائري، وقد أثبتت أنها قادرة على أن تساهم في تهدئة النفوس المهزوزة بفعل الأزمة الدموية، والمأساة الوطنية التي عاشها الشعب الجزائري بكل جوارحه لما يناهز العشرين سنة، وربما أكثر في بعض المناطق، وهو الدور الإيجابي الذي لعبته في زلزال بومرداس شهر ماي من سنة 2003 ، وفياضانات باب الواد في نوفمبر2001، وحتى هذه اللحظة مازالت الكثير من الفئات الهشة اجتماعيا، أو المتضررة من سنوات الدم والدموع بحاجة ماسة للغاية لهذه الشريحة من الأخصائيين النفسانيين. والسؤال الجدير بالطرح، هل فعلا هؤلاء قادرون على معالجة الظواهر المرضية الخانقة، ومداواة البشر، وهم على هذه الحالة من التهميش وشبه الإقصاء الاجتماعي؟.