سار المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي على خطى أسلافه من كبار الموظفين الدوليين، فقد أطلق تصريحات جريئة بعد أن دخل عمليا مرحلة التقاعد، ونفس المواقف اتخذها المفتشون الدوليون الذين صاغوا التقارير وفق ما كانت تمليه المخابرات المركزية الأمريكية. البرادعي قال بوضوح " إن إيران تطور أسلحة نووية لأن كوريا الشمالية دُعيت لطاولة التفاوض لأنها تمتلك سلاحا نوويا، في حين سُحق العراق في عهد صدام حسين لأنه لم يكن يمتلك هذا السلاح"، وهذا الكلام يعكس الحقيقة، وهو ما يجب أن يعيه كل من يهمهم أمر بقائهم في هذا العالم، غير أن هذا التصريح جاء متأخرا جدا مثلما جاءت متأخرة تصريحات هانس بليكس وقبله سكوت ريتر، وكأن الموظفين الدوليين درجوا على عادة الاغتسال من خطايا الوظيفة عند نهاية عهدتهم. العراق سحق لأنه لم يكن يمتلك سلاحا نوويا هذا أمر مؤكد، لكن المؤكد أيضا هو أن العراق تعرض للدمار والغزو والاحتلال لأن الهيئات التابعة لمنظمة الأممالمتحدة، ومنها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تحولت إلى أداة لتزوير أدلة الإدانة ضد دول مثل العراق رفضت الانصياع للهيمنة الأمريكية، والتقارير التي كان البرادعي يقدمها تركت دائما المنافذ لتبرير حصار ظالم ووحشي ولتبرير الغزو والاحتلال فيما بعد، ولا يمكن لهذه التصريحات أن تعطي أي مصداقية لهؤلاء الموظفين الدوليين الذين رضوا بلعب دور شهود الزور من أجل أن تنفذ أبشع الجرائم في التاريخ المعاصر، وحالة البرادعي هنا تبدو أكثر إثارة للشفقة لأنه عربي ومسلم. الخلل ليس في نظام الحد من انتشار الأسلحة النووية كما يقول البرادعي، بل هو في هذا النظام الدولي الذي يعطي المجرم الوحيد الذي استعمل السلاح النووي الحق في منع الآخرين من امتلاك هذا السلاح، والرسالة التي نقلها البرادعي مفيدة للجميع، فالسلاح النووي هو الضمانة الوحيدة لمنع وقوع العدوان في عالم تتحكم فيه مجموعة من الدول المارقة بقيادة أمريكا.