البرلمان اللبناني اكتمل نصابه، لكنه لن يبلغ قدرة الحسم في استحقاق دستوري يظل معلقا بإرادات دولية وإقليمية متصارعة في حلبات بيروت ألمفتوحة ، وستجمدت صلاحياته التشريعية مكتفيا بأدوار بروتوكولية قابلة للتسويق الإعلامي عبر الفضائيات المفتوحة، في ظل قانون المحاصصة الذي سيخيم على الأجواء المقبلة بمساوئه .. والمشهد البرلماني الذي يعود لإدارة الرئيس نبيه بري هو مشهد متفق على وقائعه الرسمية بعيدا عن القبة البرلمانية، هدفه إثبات وجود مؤسسة ديمقراطية وحدها الكفيلة بمنح الشرعية لما يتفق عليه السياسيون.. فالجلسة التي ستنتهي قبل أن تبدأ، سترجأ تقليديا إلى أجل مسمى يحسم قبل حلوله المتخاصمون خياراتهم التوافقية في في توزيع الحقائب الوزارية ..رغم إدراكهم أن التوافق أبعد ما يكون من لبنان نفسه، والبرلمان لم يكن سوى قبة شاهدة على النهايات المفتوحة . ويندفع السياسيون بكتلهم البرلمانية نحو خوض مفاوضات غير معلنة وحوارات غير رسمية يستنفذون خلالها الفسحة الزمنية البرلمانية التي سيحددها نبيه بري أملا في توافق يبعد شبح تدويل تشيكل الوزارة برئاسة سعد الحريري.. فجميع التيارات اللبنانية تتصارع نيابة عن القوى الدولية والإقليمية الساعية الى تنفيذ مخططاتها المنقسمة بين فرض الهيمنة المطلقة على العالم وتحقيق أطماع توسعية عبر منافذ وحدة طائفية سياسية فشلت في فرض وجودها على امتداد عصور تاريخية مضت .. وتقترب اللعبة البرلمانية التي يؤديها السياسيون بحياء وتستر من فضح حقيقتها .. وسيضحى أللعب على المكشوف وقوة المعارضة التي يحركها حسن نصر ألله و نبيه بري وميشيل عون وعمر كرامي وسليمان فرنجية يكمن في استثمار شرعية بقاء المقاومة وتحقيق أعلى قدر من الصمود الشعبي والتصدي لإفشال مخطط "ناتن ياهو" .. لكن الأغلبية النيابية التي تتزعمها الرموز السياسية التقليدية في الوسط السياسي مثل أمين الجميل وسعد الحريري وسمير جعجع ووليد جنبلاط لا ترى ما تراه الأقلية النيابية وهي تدعو إلى إعادة رسم خارطة جغرافية القوى السياسية بنظام الأغلبية البرلمانية وحل القوة العسكرية التي تمتلكها المقاومة الوطنية في الجنوب اللبناني .. المعارضة تسعى بقوة الشارع لمحاصرة من يتمسكون بنصب محكمة دولية لقتلة الحريري المختبئون من وجهة نظر الأغلبية في خلايا إقليمية تنتعش في الأرض اللبنانية تحت غطاء الأقلية النيابية.. وقبة البرلمان اللبناني لم تكن سوى واجهة لحقائق لا تعلن.