تجري هذه الأيام اتصالات وتحركات لأجل إعادة فتح مكتب إعلامي لقناة الجزيرة في الجزائر• وكانت هذه القناة الكبيرة مهنيا أوشكت أن تفتح لها مكتبا رئيسيا في شمال إفريقيا يكون مقره الجزائر•! لعدة أسباب أهمها: إن الجزائر تتوسط المغرب العربي وعاصمتها على أبعاد متساوية جغرافيا من عواصم المغرب العربي•! وأن الجزائر تتمتع•• أو كانت تتمتع بتقدم إعلامي عن جيرانها في مجال حرية التعبير•• خاصة في الصحافة المكتوبة•! وكانت الجزيرة تتأهب في 2004 لفتح مكتب رئيسي في الجزائر تدار منها كل العملية الإعلامية للقناة في شمال إفريقيا وربما حتى إفريقيا جنوب الصحراء والحوض الغربي للمتوسط•• وكان الهدف هو توظيف العديد من الصحافيين الجزائريين والمغاربيين في هذا المكتب• وكانت البداية بتصحيح ما اعتبر خطأ الجزيرة عندما قطعت الإرسال عن المرشح بوتفليقة لرئاسيات 1999 والذهاب إلى نقل بداية الحرب على بلغراد•! وكانت مناسبة الإنتخابات الرئاسية لعام 2004 مناسبة لتقترب القناة مرة أخرى من رئيس بوتفليقة وتحاول فتح المكتب وتصحيح سوء التفاهم• واتفقت القناة مع الرئاسة على إجراء حديث مطول مع الرئيس بمناسبة الترشح للرئاسيات 2004•• وانتدب الصحفي القدير في الجزيرة غسان بن جدو لإجراء هذا الحوار•• بإعتباره تونسيا•• يعرف الجزائر جيدا لأنه درس في الجزائر في الثمانينيات•• وتمت ترتيبات سفره إلى الجزائر•• وتمت عملية حجز الفندق و"الساتل" من طرف الجزيرة•• لأن هذه القناة لا تقبل أن ينزل صحافيوها ضيوفا على أي كان•! وهذا صونا للمهنية•• واتقاء للمثل القائل: أطعم الفم تستحي العين•! وهو المبدأ المطبق في الصحافة الأنجلوسكسونية بصرامة•! لكن غسان بن جدو الذي يحب الجزائر أراد أن يكرم الجزائر أكثر، فاقترح أن يتبع الحديث مع الرئيس المرشح للرئاسيات في 2004 بإعداد جلسة فكرية سياسية مع الأعيان الثقافيين والإعلاميين الجزائريين ووجهاء المجتمع المدني بعد الحديث مع الرئيس•• ورحبت السلطات الجزائرية بالفكرة لكن "بن عريفو" إعلامي نصح الرئاسة بأن تقلب القضية•• أي أن تتم عملية إعداد حصة للجزيرة مع المجتمع المدني ثم بعد ذلك يجري الحديث مع الرئيس•! وأبلغت الجزيرة بهذا التحوير•• ولكن القناة القطرية ليست مثل اليتيمة•• يمكن أن يتدخل المتدخلون في برمجة ما تريد بثه، خاصة أن لها التزامات خاصة بحجز "الساتل" والبرمجة•• وانتهى هذا الخلاف البسيط إلى إلغاء العملية كلها•! وهي صورة من صور بؤس إدار ة الإعلام في بلادنا•• عندما يسند الأمر إلى غير أهله•! ومع ذلك، احتفظت الجزيرة مع الجزائر بشعرة معاوية وبقيت تحترم إعلاميا الجزائر في كل ما تقوم به•• رغم أن الجزائر عبر مثل هذه الأخطاء الإعلامية الجسيمة التي يرتكبها أشباه الإعلاميين الذين يتولون موضوع القرار الإعلامي•• وهي أخطاء ساهمت في جعل منبر الجزيرة مفتوحا فقط أمام المعتوهين سياسيا وإعلاميا وخاصة منهم الذين يمارسون المعارضة من خارج الوطن•! واليوم هل حان الوقت لأن تعيد الجزائر حساباتها مع الجزيرة••؟! خاصة أن هذه القناة ترى في الجزائر الأرضية المناسبة أوالأكثر حرية لممارسة إعلامية أكثر احترافية في شمال إفريقيا•! قد تكون الرئاسيات القادمة مناسبة للجزيرة وللجزائر لتصحيح ما أفسده الجهلة بجهلهم الإعلامي عندنا، خاصة أن القناة تواجه صعوبات في البحث عن موقع قدم حر في شمال إفريقيا•• يمكن أن تمارس منه المهنة وفق الحد الأدنى للمهنية. نعم قد تكون الجزائر ما تزال غير ناضجة كما يجب لفتح المجال للإعلام السمعي البصري•• ولكن ماذا ستخسر الجزائر إذا أقدمت على فتح هذه الفرصة بهذه المناسبة؟! فهذه فرصة ثالثة تُتاح ولا ينبغي أن نضيعها هذه المرة•! لأن الإعلام الفضائي لا يمكن أن نتعامل معه بمنطق الحماية الجمركية التي نحمي بها إنتاجنا من البطاطا•.! وإضاعة هذه الفرصة ثانية قد يكون بالنسبة لنا كمن يغضب في سوق الحراش..؟!