ولما كانت تجارة المخدرات من الطرق السريعة المؤدية للثراء، إنخرط عدد من الشباب الطائش مع البارونات المختصة في المتاجرة بهذه الممنوعات، مستغلين شساعة الصحراء الكبيرة وضعف المراقبة على أطرافها، ولعل الخطير في هذه الظاهرة هو استهدافها شريحة الشباب وتلاميذ المؤسسات التربوية• تشير العديد من المصادر إلى أن نقص الرقابة على الحدود الشرقية للولاية ساهم بشكل كبير في تحويل منطقة الوادي إلى بؤرة حقيقية للتهريب بكافة أشكاله، سيما المخدرات والسجائر الأجنبية بأنواعها المختلفة، التي تقوم بارونات المتاجرة فيها بجلبها من البلدان الإفريقية، وتقوم بتهريبها عبر مسالك الجهة الشرقية نحو تونس وليبيا، قصد تهريبها لاحقا نحو دول أوروبا الشرقية• وتتم العملية في سرية تامة، وكثيرا ما تكون في جنح الليل. وتعتبر بلديات بن قشة، الطالب العربي، دوار الماء من أحد الممرات الرئيسية لهذه السلع، ويعتمد هؤلاء على بعض السكان المختصين في العبور عبر المسالك الصحراوية الوعرة والتي لا يعرفها إلا السكان الأصليون. كما أن بعضهم يستعمل الحمير والبغال في نقل المخدرات حتى لا يكتشف أمرهم في الحالات التي يكون فيها المسلك مراقبا من قبل بعض وحدات حرس الحدود المتمركزة في بعض هذه المسالك• ويحكي بعض العارفين بهذا الملف بأن ممتهني ترويج وتهريب المخدرات تفننوا في أساليب الإفلات من الأجهزة الأمنية المكلفة بمكافحة هذه المظاهر، حيث أنهم يقومون بعمليات تمويه داخل الصحراء يعمدون إلى التضحية بسيارة واحدة من بين السيارات التي تكون مكلفة بعملية تهريب الكميات، إذ تقوم سيارة بها كمية صغيرة من المخدرات أوالسجائر الأجنبية خاصة بالاقتراب من مكان تمركز أحد فرق المراقبة التي تنطلق في عملية مطاردة بداخل الصحراء مع هذه السيارة، ولما تتجه وحدات المراقبة لمطاردة هذه السيارة تقوم باقي السيارات المحملة بكميات كبيرة بالتسلل إلى البلدان المجاورة بعدما تكون ضمنت ابتعاد فرق حرس الحدود عنهم• ولعل من الأمور التي تعكس خطورة تنامي تهريب السجائر والمخدرات بداخل المنطقة هو الإغراق الرهيب لبارونات المخدرات السوق المحلية بالوادي بمختلف أنواع السجائر، فالمتجول بداخل وسط المدينة يلحظ بأم عينيه بيع جلّ أنواع السجائر الممنوعة لدى أصحاب الأكشاك الفوضوية وسط صمت الجهات المختصة في ملاحقتهم واستجوابهم حول مصدرها• من جهة أخرى تتحدث الكثير من الأوساط الشعبية المحلية بولاية الوادي عن توافد كبير لمستهلكي المخدرات نحو وسط المدينة، قادمين من مختلف بلديات وقرى المنطقة باعتبار وسط المدينة مكان ترويج هذه المخدرات في العديد من الأماكن التي باتت معلومة بالنسبة إليه• واعتبرت الكثير من الجهات المنتخبة حصيلة حجز المخدرات خلال السنتين الماضية والجارية قليلة، كون عمليات إحباط التهريب اقتصرت على القبض على أنواع من السلع الغذائية المهربة، في حين خلت من الكميات الضخمة التي تهرّب مع كل سنة إلى الولايات والدول المجاورة، حسبما أفصح به بعض المهتمين بمكافحة الظاهرة على المستوى الوطني في ندوات سابقة عقدت بالولاية، والتي أبرزت خطورة تحول المنطقة إلى مكان عبور للمخدرات والسجائر التي هي في تنامي خطير، ما لم تتدخل الجهات الأمنية العليا لتدعيم البنية التحتية لأجهزة الرقابة على الحدود الشرقية • وفي هذا المجال عالجت وحدات المجموعة الولائية في حصيلتها للسنة المنقضية إلى غاية الشهر الماضي 51 قضية فقط، بحيث بلغت كمية المحجوزات 46•4 كلغ من الكيف المعالج و43 ألف قرص مهلوس فقط بقيمة مالية إجمالية مقدرة ب 465 مليون سنتيم فقط، أي نسبة 31•6 بالمائة من نسبة الإجرام المنظم، تمّ من خلالها توقيف 73 شخصا كلهم ذكور أودع منهم 45 الحبس، في حين استفاد 28 من الإفراج• كما تمكن عناصر فصيلة الأبحاث من حجز بحي الناظوربالوادي 22 كلغ من الكيف المعالج و500 غرام بقرية غمرة حجزتها نفس الفصيلة و75 غرام حجزتها الفصيلة ذاتها بحي الشهداء بمدينة الوادي• وهي أرقام كلها، حسب العارفين بخبايا هذا الملف، قليلة بالنظر إلى الاستهلاك الواسع لهذه المادة من قبل الشباب المراهق، وأصبحت الظاهرة تشكل وباءا على مستقبل الوطن خصوصا مع التعاطي الرهيب لشريحة الشباب للمخدرات، والذين نقل عدد منهم ل"الفجر" أن البطالة والفقر كانت سببا رئيسيا لهم للتوجه نحو المخدرات لنسيان واقعه المعيشي الصعب، بسبب انسداد الأفق في وجهه• ولعل الشيء الخطير في تنامي هذه الظاهرة هو استهدافها لشريحة تلاميذ المؤسسات التربوية، بحيث نقل بعض الأساتذة ل"الفجر" أنهم باتوا أمام جيل من المتمدرسين المخدرين، خصوصا من المراهقين وحتى إن كانت هذه الشريحة ليست بالشكل الكبير إلا أنها حسب هؤلاء في تنامي كبير، خصوصا في منطقة وادي ريغ ووسط مدينة الوادي وعدة أوساط حضرية بدوائر البياضة، الرباح، قمار، الدبيلة والرقيبة• من جهة أخرى اقتحمت المخدرات المهربة الشريحة الجامعية التي لم تسلم هي الأخرى من شرور البارونات التي تحاول جاهدة تخدير الشباب والمجتمع السوفي•