تقوم بدورات في حفظ القرآن الكريم في كل العالم، ما هو تقييمك فضيلة الشيخ لإقبال الشباب العربي والجزائري خاصة على هذه الدورات ؟ هناك إقبال واضح جدا للإخوة وخاصة الأخوات على هذه الدورات، لأنها دورات تتعلق بكتاب الله سبحانه وتعالى• هذا العصر أنا أسميه عصر القرآن الكريم حفظا وتعلما وتعليما وإعجازا وما إلى ذلك، فالإقبال على حفظ القرآن الكريم، والسؤال على طرق حفظ القران الكريم كبير جدا ومطلوب جدا في أيامنا هذه • لو تكلمنا فضيلة الشيخ عن بعض الأساليب المتبعة في الدورات التي تقوم بها في حفظ القرآن، وعلى ماذا تركز فيها ؟ هي أساليب عديدة جدا لا يمكن تلخيصها في هذه اللحظة، لكنها دورة كبيرة جدا وهي عبارة عن ساعات متوالية من التدريب وتعتمد على إزالة القناعات أولا، ثم بناء قناعات جديدة• ومن ثم برمجة الدماغ على أسس وأساليب وإعادة برمجة جديدة، وإعادة تأطير الذات•• فإذا أعاد الإنسان برمجة نفسه وبرمجة ذاته ينطلق انطلاقة جيدة في الحفظ• تروّجون إلى إمكانية حفظ القرآن الكريم في 60 يوما، هناك من يشككون في مقدرتهم على ذلك، فما هي الرسالة التي توجهها إليهم؟ هذا طبيعي، ومن يشكك هو من لم يطبق أو من لم ير أو من لم يحضر إحدى الدورات، فإذا اطلع ورأى وحضر سيقتنع• ليس مهما أن أقنع الآخرين ولكن الواقع هو خير دليل؛ فهناك فعلا من حفظ وهناك من اختبر وهناك من وقف وصلى إماما، ففي السنة الماضية في دمشق، سجلنا 32 طالبا حفظ القران الكريم وصلوا أئمة في التراويح حفظا متقنا والأمثلة كثيرة جدا، والواقع خير دليل على ذلك• وبالرغم من أنه ليس لدي إحصاءات دقيقة، غير أن الذين حفظوا في أقل من شهرين موجودين بالعشرات، تقريبا 35 شخص في الجزائر و50 إلى 60 في سوريا•• لكي يظهر الناجحون لابد من وجود محبطين حولهم•• رغم كل هذه الجهود التي تقومون بها والمبنية على نشر الأفكار الإيجابية، إلا أننا نلاحظ هذا الفتور عند الشباب العربي، ألا يعبر هذا عن عدم نجاعة هذه الطرق، وضرورة تقديم البديل؟ السبب يعود إلى أن هذه الإيجابيات التي نبثها في هذه الدورات مقابل الحجم الكبير للشباب، قليل جدا• فملايين الشباب هم بحاجة إلى آلاف الدعاة، وإلى آلاف المدربين، هم بحاجة إلى آلاف المبدعين الذين يقدمون الشيء الإيجابي حتى يغطوا احتياجاتهم، فالحاجة ماسة و كبيرة جدا• تعدّدَ الدعاة في زمننا وكثرَ صيتهم، فهل هذه الظاهرة صحيّة في نظرك ؟ في العموم، أنا أراها أشياء إيجابية إن شاء الله، كل يخدم الإسلام من وجهة نظره أوبطريقته الخاصة، فالداعية الفلاني يخدم الإسلام بطريقته والداعية الفلاني يخدم الإسلام بطريقته، وكلنا نحمي قلعة الإسلام•• أنا أتخيل هكذا بأن الإسلام قلعة وكلنا نحرص هذه القلعة، فهذا يحرص قلعة الإسلام من خلال حرصه على القران الكريم، والصحفي يحرص على القرآن من خلال صحيفته والداعية يحرص القرآن من خلال دعوته، هناك داعية يركز على العلم وآخر يركز على الدعوة، وثالث يركز على القرآن• أنا أشكر الجميع على جهودهم ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك في هذه الجهود و يكثر منها• لكن فضيلة الشيخ، ألا ترى أن هذا التعدد سبب فوضى في الفتاوى التي كثرت سقطاتها خصوصا عبر الفضائيات؟ لاشك أن في هذه الأيام أصبح هناك فوضى في الفتوى•• هناك دعوة كبيرة جدا إلى أن الفتوى لا ينبغي أن تصدر إلا عن الجماعة، عن مجمع الفقه العالمي أو مجمع الفقه الأوربي أو مجمع الأزهر مثلا، أو مجمع منظمة المؤتمر الإسلامي هذه الهيئات المعتبرة• فينبغي للفتوى أن لا تصدر عن فرد واحد، نعم يمكن أن نفرق بين الفتوى و بين الدلالة على الفتوى• أكثر الذين ينادون على الفضائيات أو الذين يجيبون على الأسئلة، من وجهة نظري، يدلّون على الفتوى التي لابد أن تصدر عن هيئات رسمية، هيئات يمكن أن نسميها أهل الحل والعقد أو نسميهم رابطة العلماء المسلمين أو رابطة العلماء الأوربيين، أوالاتحاد العالمي للإسلام•• لم يزر الجزائر داعية إلا وكان له ما يقول في مشروع المصالحة الذي طرحه الرئيس، وأكيد أنك على اطلاع به، هل لك ما تقول في هذه الصدد ؟ أنا لست مقيما بالجزائر ولكني متابع للتوجه العام للبلد، فهو توجه طيب في اتجاه الخير واتجاه التسامح واتجاه جمع كل الأطياف، تحت مظلة الإسلام وتحت مظلة الوطن وخدمة الوطن وخدمة الإسلام• وهذا الاتجاه العام، لاشك أنه نقل الجزائر نقلة نوعية من العهد السابق أي عهد التسعينيات إلى هذا عهد الخير، فعلينا أن نغتنم هذه الفرصة، فرصة الانفتاح وفرصة المصالحة وكذا فرصة التسامح لننشر العلم والفضيلة أكثر ولننشر القرآن•• هذه رؤيتي وأنا اُكبر هذه النظرة في الجزائر أمام بقية دول العالم، لأن الجزائر إنها متجهة إلى الاعتراف بكل أطياف الوطن وبكل أطياف الفكر والاعتراف بالجميع، والسماح للجميع بأن يعملوا في ظل الخطوط العريضة التي تخدم الأخلاق وتخدم الفضيلة وتخدم الوطنية والإسلام بشكل عام• سمعت في الآونة الأخيرة بفتنة في منطقة ''بريان'' في صحراء الجزائر، بين أصحاب المذهب الإباضي والمذهب المالكي، وأعتقد أن الحوار أخمد الفتنة• ما دام الأمر لا يتعلّق بالأصول الشرعية، وإنما بالفروع•• فقه الإسلام واسع وشرع الإسلام واسع يتسع لي ولغيري لكي نمر فيه، فلا ينبغي أن نضيقه على مالكي أو شافعي أوإباضي أو غير ذلك، ومادمنا متفقين في الأصول فقرآننا واحد وسنة نبينا واحدة، فلا ضير أن نختلف في بعض الفروع التي يمكن أن يختلف فيها الإنسان، أما الاختلاف في الأصول فهو القضية الكبرى• ونحن اليوم بحاجة ماسة إلى تفويض الكلمة والى توحيد القلوب على منهج أهل السنة والجماعة وعلى المنهج المتفق عليه• تعتقد إذن، أن إحداث منصب مفتي البلاد في مثل هذه القضايا، واجب ؟ طبعا، التخصص له أهمية كبيرة جدا•• فلا بد للشؤون الإسلامية أن يكون لها مرجعية فوجود المفتي هو مرجعية هامة جدا في البلد، مثله مثل أي وزير في البلد وقدره كقدر وزير المالية أو وزير الداخلية• لذا أنا مع توزير المفتي في أي بلد عربي• هنالك أصوات كثيرة تدعو إلى قطع الحوار بين الحضارات والانكفاء على الداخل أكثر من التطلع إلى الآخر، فما هي نظرتكم إلى هذا الطرح؟ تبقى هذه الرؤية، وجهة نظر• لكن حوار الحضارات قديم ومستمر، شئنا أم أبينا•• لا أرى مشكلة أن نحاور الغرب فلدينا الحجة القوية والأدلة وديننا قوي ولدينا من الأدلة الواقعية والعملية والنظرية والعقلية ما نرفع به رأسنا والحوار موجود بين سائر الحضارات منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إلى يومنا هذا ''وإنا أوإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين''• الحوار موجود لكن له أسس و قواعد فما دمنا ملتزمين بقواعد الحوار و قواعد التفاهم و المناظرة فلا بأس بذلك• بعيدا عن تنازلنا عن قناعاتنا•• نحن المسلمون يوجد في أساس ديننا وفي شرعنا وفي مفاهيم تاريخنا أن الحوار الذي لم ينقطع في وقت من الأوقات سواء مع اليهود أو مع النصارى أو مع الفرق الإسلامية أو مع جميع الفرق الموجودة من عهده صلى الله عليه وسلم، إلى عصر الصحابة التابعين رضي الله عنهم إلى عهد التابعين وإلى يومنا هذا، ولنا أدلتنا القوية جدا، لأن الحق أبلج والباطل لجلج•• نحن مغزوون غربيا في بلادنا فنحن بحاجة إلى توعية محلية حيث نجد في أبنائنا وبناتنا التغريب واضح في فكرهم وعقلهم ولباسهم وعاداتهم، وهم بحاجة إلى إعادة التربية والتأطير•• هل لك أن تطلعنا على مسعاكم الشخصي وبرنامج دوراتكم التدريبية التي تقيمونها في مختلف أنحاء العالم ؟ لدي جهود كبيرة في هذا الموضوع سواء جهود عن طريق الدورات أو جهود عن طريق النت، فلديّ موقع متنوع في الجانب القرآني إلى الجانب الجتماعي، حيث يحتوي على منتدى خاص للأطفال ورعايتهم وتربيتهم•• من وجهة نظري فإن التركيز على الطفل مهم جدا ومن هنا ننشئ الأطفال تنشئة جيدة• وفي هذا الإطار زرت الجزائر اليوم لتقديم دورة عنوانها ''كيف نربي أبنائنا دون صراخ أو صفع''•• من هنا تبدأ الأسرة، على الخير، هذه توعية كبيرة جدا ويستهين الكثير من الناس بها وقلة من يخدم في هذا الجانب• كما نسعى إلى تنظيم دورات حول ''كيف تكون معلما مبدعا'' نركّز فيها على المعلمين، لأننا بحاجة إلى أن نخرج معلمين ومدرسين بمستوى عال جدا حتى يربوا هم هذا الجيل تربية جيدة•