مشكلة الجزائر مع الإتحاد الأوروبي ليست في الإتفاقية التي وقّعتها الجزائر مع هذا الإتحاد وكانت مجحفة•• بل المشكلة في أن الجزائر لم تستطع حتى الإستفادة من الجوانب الإيجابية في هذه الإتفاقية! فالإتحاد الأوروبي لم يفرض على البضائع الجزائرية أي نوع من أنواع الضرائب الجمركية•• لأن الجزائر لا تستطيع أن تصدر أي سلعة نحو أوروبا! وصادرات الجزائر نحو أوروبا خارج المحروقات لا تتجاوز قيمتها 2% من حجم الواردات الجزائرية من أوروبا! وأغلب هذه الصادرات هي مواد مشتقة من البترول، أي لها علاقة بقطاع المحروقات! وقد أصبحت تتردد مقولة في الجزائر مفادها: أن الجزائريين لا يحسنون التصدير•• ويحسنون فقط الإستيراد! والحقيقة أن الجزائريين لا يحسنون الإستيراد أيضا•• وليس التصدير وحده! أنظروا إلى نوعية الأدوية التي تستورد•• وانظروا إلى نوعية السيارات•• وانظروا إلى نوعية المواد الغذائية المستوردة•• وانظروا إلى نوعية قطع الغيار•• ونوعية الألبسة، وأنتم تعرفون بأن الجزائريين لا يحسنون الإستيراد أيضا فضلا عن جهلهم طرائق التصدير! المشاريع التي تنجز في الجزائر من طرف الأجانب أسعارها ضعف أسعار مثيلاتها في دول أخرى! قارنوا أسعار إنجاز شيراطون الجزائر ووهران بأسعار إنجاز مثيلاته في تونس وسوريا ولبنان والأردن، وحتى دول الخليج•• وأنتم تعرفون بأن الجزائريين لا يحسنون الإستيراد أيضا! قارنوا أسعار الطريق السيار الجزائري بأسعار إنجاز الطريق السيار في المغرب، وأنتم تعرفون جيدا الجزائريين في استيراد الخدمات من الخارج! حتى العمالة المستوردة من الخارج مع المشاريع لا تحسن الجزائر استيرادها•• فهل يعقل أن يكون 26% من العمالة الصينية في الجزائر طرابنديست وشفارين ! هل من الصدفة أن تتحول الجزائر من بلد مصدّر للهجرة إلى بلد مستقر للهجرة؟! لماذا يرمي أبناء الجزائر أنفسهم في البحر هربا من الجزائر•• ويرمي الأفارقة أنفسهم في جحيم الصحراء للوصول إلى جنة الجزائر؟! من المؤسف حقا أن نسمع بأن البلاد أصبحت مرتعا للتهريب والفساد وغسيل الأموال•• وأصبحت مشتلة للمخدرات! البلد واسع نعم، ولكن أفق حكامه ضيق ولايتسع إلى شساعة هذه البلاد! هل من المناسب أن نمول فلاحيا مشروع المليون نخلة في الجنوب ثم نعجز عن تسويق الإنتاج إلى أوروبا وكندا وأمريكا•• وتقوم بذلك مكاننا تونس•• بعد أن تأخذ إنتاجنا•! هل من خصائص الحكم الراشد أن تقوم كباش الجزائر بإختراق الحدود الشرقية والغربية من أجل الوصول إلى الأسواق لجودة لحومها•• ولا تقوم البلاد بتسويق هذه اللحوم عبر بوابة البحر وبالطرق القانونية؟! ماذا تفعل أكثر من 100 سفارة جزائرية وممثلية دبلوماسية وقنصلية في الخارج إذا لم تهتم بموضوع تحسين التجارة مع هذه البلدان؟! نحن البلد الوحيد في العالم الذي يروج للسياحة بأن يرسل الطائرات لإحضار السياح على حساب الدولة! ونقوم بعد ذلك بتصويرهم في التلفزة على أساس أنها إنجازات سياسية! نحن الدولة الأولى عربيا وإفريقيا في عقد الملتقيات والمؤتمرات الدولية والجهوية إلى درجة أننا أصبحنا مضحكة في العالم العربي وإفريقيا في موضوع صرف الأموال على السفه الذي يسمى الإشعاع الخارجي للبلاد؟! ترى ما هي قيمة الجزائر في محيطها الإقليمي•• وهي لم تستطع حتى حل أزمة موريتانيا الشقيقة•• وتكفلت بها السينغال البعيدة والتي ليست لها أية حدود مع موريتانيا؟! لقد قال لي مسؤول كبير في الدولة يعيش الآن مرارة المعاش وهو في عز الشباب•• وفي عز العطاء•• قال لي: إن هناك علاقة بين كثرة الرمال في الجزائر في الصحراء الكبرى وبين الغباء السياسي والإقتصادي في الجزائر؟! لأن كثرة الرمال توفر للمسؤولين الأجواء المناسبة لخزن الرؤوس في الرمال؟! أليس الإعتماد على ما تنتجه الحقول البترولية والغازية في الجزائر هو نوع من أنواع غرس الرؤوس في الرمال؟! غباء الجزائريين يكمن في أنهم كانوا أول من تعرض لظاهرة الإرهاب•• وحتى الآن كل الدلائل ترشحهم لأن يكونوا آخر من يحل هذه المشكلة التي بقيت 20 سنة كاملة! هل يعقل أن البلاد تقوم بثورة وتطرد استعمارا استيطانيا استمر 130 سنة•• ويتم ذلك في 7 سنوات فقط، في حين تستمر عملية مكافحة الإرهاب 20 سنة كاملة ولم تحل! هل هذا هو الذكاء الجزائري؟! لسنا ندري؟. بريشة السردوك