قرأت خبرا طريفا يقول: إن وزارة الفلاحة تعمد الآن إلى إعداد دراسة علمية من طرف مكتب دراسات كندي عن كيفية تربية الأبقار الحلوب بواسطة الإعلام الآلي••! بزرع أذن البقرة بشريحة إعلامية تسمى البرغوثة الإلكترونية ••! من شأن هذه البرغوثة الإلكترونية أن تحارب سرقة الأبقار وتحدد عدد الأبقار ونوعية الصحة لهذه الأبقار••! وبتعبير آخر وزارة الفلاحة، حسب هذا المشروع، ستكون أبقارها أكثر عناية من بشر وزارة الداخلية••! قطعان البشر التابعة لوزارة الداخلية تعيش في البيوت القصديرية وبعض الولايات يعيش البشر فيها في المغاور•• ولم تنجح وزارة الداخلية في إحصاء قطعان البشر الذين يتوالدون كل يوم•• والحال أن عدد البشر في الجزائر يعادل عشرة أضعاف عدد الأبقار••! تربية البقر بطريقة حديثة، كما تقترحها وزارة الفلاحة، كان من الواجب أولا أن تطبق على تربية البشر التي هي من اختصاص التربية والداخلية••! منذ مدة قيل إن سعر الأعلاف الموجهة للبقر يعادل 10 أضعاف سعر الأعلاف الموجهة للبشر••! والآن تقول وزارة الفلاحة إنها بصدد تطوير تربية الأبقار بطريقة علمية لم تتوفر حتى الآن لتربية البشر الذين يفترض أن أبقار وزارة الفلاحة تربى لأجلهم؟! عندما سمعت هذا الخبر سرح بي الخيال•• فقلت ماذا لو عمدت وزارة الداخلية إلى زرع برغوثة إلكترونية في أذن كل مواطن جزائري كما تريد وزارة الفلاحة أن تفعله بآذان الأبقار••؟! هل كان بالإمكان أن يفعل الإرهاب ما فعله بالبلاد• والحال أن البرغوث الإلكتروني يمكن أن يجد لوزارة الداخلية المكان الذي يتواجد فيه كل مواطن••؟! أم أن تحديد أماكن البقر أصلح للجزائر والجزائريين من تحديد أماكن البشر••! وزارة السكن هي الأخرى تعالج قضية السكن والعمران في الجزائر بطريقة ''ميكي'' وحائرة في قوانين العمران ودايخة دوخة البلجيكي كما يقول الشيخ إمام••! ومع ذلك لم تستخدم البرغوث الإلكتروني للإحصاء ومتابعة تسيير العمران في البلاد! ووزارة التعليم العالي هي الأخرى غرقت في أمر تسيير المرافق الجامعية إلى درجة أنها أجبرت الطلاب ذات مرة على دفع سعر قضاء الحاجة ''أكرمكم الله'' في كلية من الكليات بعاصمة الجزائر بسعر يزيد عن 8 أضعاف سعر أكل الوجبة الغذائية في نفس الكلية•• وترى ذلك أمرا طبيعيا ••! على اعتبار أن الوزارة تدعم أكل الطلاب ولا تدعم نتائج هذا الأكل الأخرى••! أتذكر ذات يوم أن أحد الزملاء الذين رافقوا الرئيس الشاذلي بن جديد في زيارته للولايات المتحدة عام 1983•• حكى لي كيف أن الشاذلي زار مزرعة نموذجية لتربية الأبقار في أمريكا واطلع على طريقة تربية الأبقار••! وقد أعجب الوفد الرئاسي بالطريقة التي تربى بها هذه القطعان•• وكيف يقوم الراعي للبقر بممارسة مهنة رعي الأبقار بواسطة طائرته الخاصة••! مثل هذا الراعي الذي يمارس الرعي بالطائرة بإمكانه أن يطور أسلوب الرعي من الرعي بالطائرات إلى الرعي بواسطة البراغيث الإلكترونية•• لكن عندنا نحن كيف نذهب مباشرة إلى الرعي البرغوثي ونحن ما زلنا لم نعرف بالضبط عدد البشر الذين يأكلهم البرغوث الحقيقي وليس الإلكتروني••! وزارة التربية للبشر وليس للأبقار في الجزائر•• ما تزال حائرة في كيفية تر بية أبناء الجزائر على المساواة•• فقالت إنها ستوحد مآزر التلاميذ لتجعل التلاميذ يشبهون بعضهم مثل عجول هولندا•• لا فرق بين عجل نادي الصنوبر وعجل حيدرة وعجل الكاليتوس••! حكاية العلم البرغوثي الذي ستربى به أبقار الجزائر ليزيد لحمها وزبدها وحليبها، لتوفير الغذاء اللازم للبشر الجزائريين•• هدفه توفير العملة الصعبة التي تدفعها الجزائر لاستيراد الحليب من كندا وهولندا وغيرها من البلدان•• لكن الأكيد أن مشروع تربية الأبقار بعلم البرغوث لا بد أن ندفع ثمنه إلى منتجي هذا العلم أولا••! لهذا لا غرابة إذا رأيتم فاتورة استيراد هذا العلم المهم تتجاوز بكثير فاتورة أسعار استيراد الحليب ! قد يتساءل المتسائلون: لماذا تندفع كل المؤسسات الوطنية والمصالح والهيئات إلى الخارج لإنجاز الخبرة للعديد من الأمور حتى التافهة منها؟! ولماذا يتسابق الناس إلى الخبرة الأجنبية؟! والجواب واضح•• هو استيراد التكنولوجيا وتصدير الدولار••! حتى أن أحد الأذكياء جدا في الجزائر قام بطرح مناقصة دولية لإنجاز دراسة حول تنظيم المرور داخل وحدته الصناعية العمومية••! فقط نقول: ماذا لو عرف الجزائريون الحجم الحقيقي للمال العام الذي تحوله الموسسات العامة والخاصة تحت غطاء إنجاز الخبرة الفنية من طرف مكاتب الدراسات الأجنبية؟! لا شك أن أرقام الخليفة وعاشور عبد الرحمن ستكون براغيث أمام فيل أرقام مكاتب الدراسات••!