وفي هذا الإطار اكتشفنا، في جولة ميدانية قادتنا إلى بعض مناطق وأحياء تيزي وزو، لجوء تجار إلى توظيف أطفال المدارس لا تتعدى أعمارهم 10 سنوات بأبخس الأثمان، مستغلين بذلك ظروفهم الاجتماعية وحاجتهم الملحة للمال، لضمان مصاريف الدخول المدرسي المقبل على وجه الخصوص• و''خير مكان'' لهذه الظاهرة، المحطة البرية لنقل المسافرين على مستوى عاصمة الولاية، حيث تجد هؤلاء الأطفال في عمر الزهور يتيهون بين الحافلات، ليس سوى لبيع قارورات الماء البارد، وبعض المثلجات، والعرق يتصبب على أجسادهم تحت حرارة تفوق هذه الأيام40 درجة، غير مبالين بأشعة الشمس المحرقة التي أتت على أجسامهم النحيفة• في حين فضل آخرون، رغما عنهم، امتهان مهنة قابض على مستوى عربات نقل المسافرين لاسيما بالخطوط الداخلية المؤدية إلى بلديات الولاية، غير مبالين بالإهانات اليومية التي تلاحقهم من طرف أصحاب المركبات، الذين يحتقرونهم لحاجتهم الماسة إلى المال، خاصة وأن الكثير منهم يعيل أفراد أسرته• والأخطر من كل هذا هو استقدام عدد آخر من هؤلاء الأطفال من طرف أصحاب المساحات الكبرى يوكلون لهؤلاء عملية نقل صناديق الخضر والفواكه تفوق حجمهم ووزنهم بكثير، ما قد يعرضهم مستقبلا لمتاعب صحية خطيرة، فيما يقوم آخرون بمنافسة التجار الفوضويين على الأرصفة، حيث توكل إليهم مهمة حراسة الصناديق وجلب أكبر عدد من الزبائن، مقابل مبلغ زهيد لا يسمن ولا يغني من جوع• وفي السياق ذاته، يقوم بعض الأطفال بالمناطق الساحلية، على غرار تيفزيرت وآزفون، ببيع ما صنعته أيادي أمهاتهم من ساندويشات وحلويات صيفية، إلى جانب المحاجب والمطلوع، وهؤلاء الأبرياء غير مبالين بقساوة الطقس والشمس الحارقة• هي صور لأطفال لم ينعموا براحة العطلة، ويحدث هذا في ظل غياب آليات متابعة من طرف الجهات الوصية، التي من المفروض أن توجه هؤلاء الأطفال إلى شواطئ البحر أو فضاءات للترفيه والترويح عن النفس، وليس إقحامهم في العمل المبكر الذي فرضته ظروفهم الاجتماعية القاهرة•