سنحاول من خلال هذا التحقيق فتح مجال للمؤرخين لتسليط الضوء على هذا الموضوع، عسى أن يدلوا بدلوهم لإنارة الرأي العام حول هذه الولية• إلى ذلك تشير المعطيات المتوفرة لدينا أن فورايا تعني بلغة الوندال ''الجبل الصغير''، و''فور'' هو الجبل الشاهق• ظهر هذا الاسم سنة 429 ميلادي عندما احتل جيمس ريق قائد الوندال مدينة سالداي، وهو الاسم التاريخي لبجاية، واستقر بها، ومنذ ذلك الحين ظهر اسم فورايا قبل أن يختفي خلال العصر العربي الإسلامي، حيث أصبح هذا الجبل يعرف باسم آمسيون، حسبما ورد في كتاب ''نزهة المشتاق في اختراق الآفاق'' للشريف الإدريسي، الذي عاش في القرن السادس الهجري• ويقول هذا العالم الجليل إن ''مدينة بجاية تطل على البحر لكنها على حرف حجر ولها من جهة الشمال جبل يسمى أمسيون''• وتؤكد المراجع التاريخية أن اسم فورايا ظهر من جديد عندما احتل الإسبان مدينة بجاية سنة 1510 ميلادي، ذلك أن الاسبان كانوا يعتبرون أنفسهم أحفاد الوندال• ويقول الشيخ الحسين ابن محمد الورتيلاني الذي عاش في القرن 12 الهجري في رحلته المسماة ''نزهة الأنظار في فضل التاريخ والأخيار'' : ''ذهبت مع الأصدقاء لزيارة بجاية لأني محب فيها غاية وذلك قبل بلوغي، وكنت كل عام أصوم بها رمضان ناويا للرباط مع تعليم الطلبة،راجيا أن يكون لي حظ وافر ونصيب كامل من عندهم، حقق الله رجائي عنه وكرمه••''• وكان الشيخ الحسين يزور بجاية كل سنة وهو محب للعلماء والصالحين، وكان يبدأ زيارته بالتوضؤ ببئر السلام ثم يصلي ركعتين لله ويدخل المدينة طاهرا، ويستهل زيارته بسيدي أحمد ابن معمر الموجود شمال بئر السلام والمعروف حاليا ب''أعزيب أومعمر'' قبل أن يزور العلماء والصالحين، منهم سيدي عبد الحق، سيدي الصوفي، خلوة سيدي عبد القادر، أبو مدين الغوث، وسيدي بوعلي، ولم يذكر في رحلته أنه زار ولية باسم يما فورايا• محليا، يقول مشايخ المنطقة إن يما فورايا هي فتاة طاهرة أراد والدها تزويجها من رجل لا تحبه يعرف باسم تيشي• وتذكر نفس الروايات أن هذه الفتاة تضرعت إلى الله داعية إياه أن ينجيها من هذا الزوج، حيث تمكنت من الفرار والاستقرار بقمة جبل أمسيون أو فورايا حاليا، ومنذ ذلك الحين أصبحت مزارا للمرضى وللفتيات اللائي فاتهن قطار الزواج• ويوجد بهذا المقام حاليا العديد من المشعوذين الذين يتلاعبون بمشاعر النساء اللائي ترسخت في أذهانهن بركة يما فورايا• وتقول الأساطير إنه يوجد ببناية هذا المعلم التاريخي صخرة يجب تقبيلها من طرف كل زائر وإلا حدث له مكروه• ومن أطرف ما يحدث بهذا المقام حاليا الزردات التي يمولها رئيس بلدية بجاية السابق وهو من أثرياء المدينة• وتتخلل هذه الوعدات ضرب الطبول من طرف فرق الزرنة، ناهيك عن إجبارية ذبح الثيران ودعوة الأهل والخلان في أجواء من البهجة•• في عصر السرعة وحرب النجوم•••••