التي وصلت مؤخرا إلى 800 دينار للكيس الواحد، جراء استمرار ندرتها منذ عدة أشهر، الأمر الذي أثر على سير نشاط هؤلاء، لاسيما وأن 30 بالمائة من تلك المشاريع تسير بوتيرة بطيئة وتشهد تأخرا ملحوظا وأخرى مهددة بالتوقف، ما يجعل مطلب تسليمها في وقتها المحدد أمرا مستبعدا في حال استمرار ''أزمة الإسمنت''، في ظل غموض قرار استيراد كمية ''مليون طن'' الذي لم تتضح معالمه بعد، رغم أن المناقصة رست لصالح شركة تركية• لاتزال تداعيات ''أزمة الإسمنت'' والمضاربة في أسعارها منذ قرابة 5 أشهر تلقي بظلالها على سير المشاريع بصفة عامة، وبصفة خاصة تلك الموجهة إلى قطاعي التربية والتعليم العالي، والتي من المقرر تسليم العديد منها مع الدخول المدرسي والجامعي المقبل، استفادت منها مقاولات وشركات إنجاز جزائرية، وهي تعمل على قدم وساق من أجل الانتهاء منها وتسليمها في الآجال المحددة حسب شهادات هؤلاء• غير أن بعض المقاولين ممن تحدثت إليهم ''الفجر'' يقولون إن ندرة مادة الإسمنت وفقدانها في بعض الأحيان في سوق مواد البناء تارة، والمضاربة في أسعارها تارة أخرى ''جعلنا متخوفين وقلقين جدا إزاء المهمة التي أوكلت إلينا من قبل السلطات المحلية والقائمين على قطاع التربية والتعليم العالي في الولايات لإتمام المشاريع وتسليمها في الآجال المحددة، خاصة تلك التي تدخل حيز الخدمة مع الدخول الاجتماعي المقبل''• وقال ''ك•م''، مقاول من ولاية تيبازة، يشتغل منذ 20 عاما كمسير لشركة مقاولات تشغل قرابة 60 عاملا، إن ''ارتفاع أسعار الإسمنت في الآونة الأخيرة صعب من نشاطنا وخلق لنا العديد من المشاكل، وفي مقدمتها تكاليف الشراء، حيث صرنا نقتنيها في مرات عديدة بأسعار مضاعفة 3 مرات، فعوض 250 دينار للكيس الواحد، نشتريها في مرحلتها الثالثة ب 750 دينار أو 800 دينار للكيس جراء ندرتها وفقدانها في السوق، والمشروع الواحد يستهلك كميات كبيرة من الإسمنت''• ويشاطره الرأي ''ص•ج''، مقاول من ولاية البليدة، يملك شركة مقاولات، تجربته 40 سنة في الميدان، إذ أرجع ارتفاع سعر الإسمنت إلى ندرتها وقلتها في السوق، ما دفع بالعديد من الانتهازيين إلى اغتنام الفرص ونسج علاقات مع بعض الأشخاص داخل وحدات الإنتاج، الذين أخذوا على عاتقهم مهمة إخراج الإسمنت من وحدات الإنتاج وإعادة بيعها بأسعار خيالية وصلت الى حدود 800 دينار للكيس الواحد، ما جعل المقاولين خاصة ''الصغار'' عاجزين عن مجاراة المضاربة التي ألهبت أسعار الإسمنت وجعلت قلة تتحكم فيها''• وفي هذا السياق، قال رئيس الاتحاد الوطني لمقاولي البناء والعمران، أحمد بن قاعودة، إن من المقولين المنخرطين في الاتحاد، والبالغ عددهم 900 مقاول على المستوى الوطني، متخوفون من تبعات أزمة الإسمنت، خاصة المقاولين المبتدئين والصغار الذين تعرضوا للإفلاس، ومنهم من توقف عن النشاط بسبب ذلك، و لاتزال الندرة مستمرة رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، وفي مقدمتها وزارة التجارة التي وجهت في السابق تعليمات لوحدات الإنتاج تعطي الأسبقية للمقاول وتمكنه من اقتناء كميات الإسمنت التي يحتاج إليها والموجهة إلى المشاريع، بالإضافة إلى لجان الرقابة والمتابعة وفرق التفتيش التي أوفدتها مصالح وزارة التجارة على مستوى وحدات التوزيع ومصانع الإنتاج بعد اشتداد أزمة الإسمنت• وأوضح المتحدث أمس في اتصال مع ''الفجر'' أن سعر الإسمنت وصل هذه الأيام في بعض الولايات، الشرقية خاصة، إلى 800 دينار للكيس الواحد، وإذا استمر الحال هكذا فإن العديد من مشاريع قطاعي التربية والتعليم العالي التي يشرف على إنجازها منذ مدة مقاولون، والمزمع تسليمها مع الدخول الاجتماعي المقبل، تشهد تأخرا وستؤجل إلى إشعار آخر، وأخرى مهددة بالتوقف نهائيا وتقدر نسبتها ب 30 بالمائة من مجموع المشاريع التي هي في طور الإنجاز، وأضاف ''أن هذه الظروف تؤثر سلبا على اليد العاملة التي حتما ستدفع مسيري المقاولات وشركات الإنجاز إلى تخفيضها ما يفتح الباب واسعا أمام البطالة''• في ذات السياق، أشار المتحدث إلى قرار الحكومة القاضي باستيراد مليون طن من مادة الاسمنت، والذي لم تتبعه خطوات أخرى، غير الإعلان عن المناقصة الدولية وعملية فتح الأظرفة التي تمت بطريقة سرية، وشارك فيها فقط أصحاب العروض ومسؤولي الوزارات المعنية بالقضية، معلنا أنه ''حسب المعلومات المتوفرة لدينا فإن المناقصة تكون قد رست لصالح شركة تركية أوكلت لها مهمة الاستيراد''• وطالب رئيس الاتحاد الوطني لمقاولي البناء والعمران، أحمد بن قاعودة، بتوفير الكميات اللازمة من الاسمنت لفائدة المقاولين من أجل تنفيذ المشاريع وتسليمها في آجالها المحددة، داعيا في ذات السياق إلى ضرورة الإسراع في استيراد المليون طن خلال هذه المدة، أي فصل الصيف، لتميزه بالحرارة لأن الظروف المناخية في هذه الفترة تساعد على العمل في الورشات• كما أن المضاربين يحرصون على تخزينها، فضلا عن أن تأجيل اقتنائها إلى فصلي الخريف والشتاء يجعل العمل يتوقف أكثر من مرة بسبب سوء الأحوال الجوية، مثل الأمطار، الرياح، وحتى الثلوج''، خاصة إذا علمنا أن مدة صلاحية الاسمنت تقدر بشهرين، ومن دون شك فإن المضاربين سيسارعون إلى تسويق الكميات المخزنة، تجنبا لفسادها بسبب المناخ البارد ووصول الكمية المستوردة•