حيث تعتبر هذه التحف النحاسية بمثابة إرث ثقافي عريق توارثه سكان بونة منذ زمن طويل•• حيث لا تخلو المدينة العتيقة ''بلاص دارم'' من دكاكين صنع الأواني المنزلية النحاسية، ولقد ارتبط اسم هذه الأحياء القديمة ب ''باحة النحاسين'' نظرا لكثرة الحرفيين الذين مازالوا يتفننون في صناعتها خاصة أن هذه الصناعة تشكل موروثا ثقافيا يستمد عروقه من مدينة أبو مروان الشريف نابعًا عن عراقة سكان الأيدوغ الأصليين الذين يستعملون الأواني النحاسية في تزيين وتأثيث بيوتهم، بل وأصبحت هذه الأواني المنزلية النحاسية تشكل ديكورا يوميا لسكان عنابة، فربات البيوت يحرصن على اختياره والتفنن في استعماله كونه يشكل تحفة هندسية وجودة في الصنع، تجعل الناظر إليها يغوص في أشكالها وتصاميمها•• فكل بيت عنابي لا يكاد يخلو من بعض الأوني المنزلية النحاسية لأن هذه الصناعة تعتبر جزءا من عراقة المنطقة وشكلا من أشكال فنه المعماري• ونظرا لعراقة هذه المهنة أصبحت بعض العائلات تستعمل الأواني النحاسية في الأفراح والمناسبات مثل ''السينية'' المصنوعة من النحاس الصافي والتي توضع فيها الأطباق التقليدية مثل الكسكسي•والجدير بالذكر أن العائلات العنابية تستعمل مرشا مصنوع من النحاس يملأ بالعطر ثم يرش على العروس وهي خارجة لتزف إلى زوجها، وتحرص كل فتاة عروس على اقتناء مثل هذه الأواني والاحتفاظ بها لاستعمالها في الأفراح، لأن صناعة النحاس ببلادنا تعبر عن عراقة وأصالة المناطق السياحية المشهورة مثل العاصمة وعنابة وقسنطينة• لكن ما نلاحظه اليوم أن هذه الحرفة العريقة أصبحت في طي التجاهل والنسيان خاصة أن هناك من العائلات التي تحبذ استعمال أواني الفخار• ورغم تيار الموضة والتطور السريع في الإنتاج الوطني تبقى صناعة الأواني النحاسية تشكل جزءا من تراثنا الجزائري•