تلعن أختي التي سيدخل ابنها البكر المدرسة هذه السنة اللون الأزرق السماوي·· وتفكر في خياطة المئزر بنفسها، فالسوق يشهد نقصاً فادحاً في هذا اللون والناس تتلقفه كما الخبز، على الرغم من أنه مئزر رديء الصنع ومن القماش الرخيص· هذا بعد القرار الذي اتخذته وزارة التربية في توحيد لون المآزر استكمالاً لسياسة إصلاح المنظومة التربوية القائمة على المقاربة بالكفاءات والمقاربة النصية·· - حسبما يشير مخطط الإصلاح - طبعاً هذه الكلمات التي تدل ولا تدل ستضاف إليها عبارة المقاربة اللونية لتصبح كما يلي: ''··القائمة على المقاربة بالكفاءات والمقاربة النصية والمقاربة اللونية'' للذكور أزرقها تبركاً بلون العهدة الثالثة التي حققت نتائج باهرة ستكون قدوة للناشئة هي تراهن هي الأخرى على الأغلبية الساحقة، وللبنات زهورها على مقاس - الخوخي للطفلة - ولكن الذي لم ينتبه إليه القائمون على هذا المنهج الرائد هو التناقض الذي سيقعون فيه؟؟ فكيف ننتهج نهج المقاربة بالكفاءات الذي يعتمد على الفروق الفردية والقدرات المتفاوتة بين التلاميذ، ونهج المقاربة النصية الذي يقدم النص العام من دون الجزئيات قد لا يكون فهمها ضرورياً على حساب المنحنى العام للنص أو الوحدة أو المحور·· من هذا الترتيب تأتي فكرة المقاربة اللونية نهجاً مختلفاً تماماً وليس يعكس الرؤية الكندية المستوردة حديثاً من طرف بن بوزيد·· لأن هذا النهج يجعل الأطفال يتشابهون في اللون ومن ثمة يكرسون لفكرة قديمة اشتراكية تعكس ذلك الشيوع القائم بين الناس·· وغير بعيد عن الاشتراكية القديمة قالت لي مصممة أغلفة سابقة بمؤسسة النشر والإشهار إنها عانت من حبها للون الأزرق أيام الثمانينيات، حيث أوقعها هذا الحب في كثير الوجع والإهانة لأنها كانت تُتهم بالولاء لفرنسا·· فالراية الفرنسية يضم الأزرق·· كما كان رئيسها يغير اللون الأزرق إلى الأخضر مباشرة، وعندما تتناقش معه حول دلائل اختيار اللون ينعتها بالحركية·· ربما هي تتعامل اليوم مع هذا اللون بسلام·· وربما لا يزال فيها رعب اللون فلا تستعمله على الإطلاق·· والحقيقة أن الألوان أيام الحزب الواحد كانت غير تعددية اليوم·· الأزرق بالفعل كان لونا مغضوب عليه وسط اخضرار النضال الحزبي آنذاك ويفسر مباشرة بفرنسة أكيدة·· كيف تم الإفراج عن اللون؟؟ وكيف تغيرت الدلائل؟؟ وهل يمكن فعلا الوقوف على هذه الدلائل السيميولوجية أم أن كل هذا خبط عشواء تماماً كما المقررات الدراسية··؟؟ للألوان سياساتها·· وللألوان ألغازها وللألوان صداقاتها أيضاً·· والأزرق اليوم صديق الخوخي· تتبعها هاجر قويدري