يبدو أن إيريك بيسون، وزير الهجرة، الساركوزي الجديد والاشتراكي القديم، غير مستعد للتراجع عن السياسة التي سطرها الرئيس الفرنسي قبل عامين، من خلال ما تسميه المعارضة اليسارية ب ''سياسة الرقم''، وهي السياسة التي جسّدها بريس هورتفو باقتدار كبير، حينما تمكن كوزير سابق للداخلية من تجاوز الرقم المطلوب من صديق العمر، وذلك بعد ترحيله حوالي 29 ألف مهاجر غير شرعي إلى بلدان مختلفة بمن فيهم أولئك الذين تركوا زوجاتهم وأطفالهم في فرنسا· ''شارتر العار'' أو الطائرة التي أعادت ثلاثة أفغانيين قبل أمس إلى كابول، على حد تعبير رئيس جمعية ''سيماد'' المدافعة عن تسوية إنسانية والرافضة لترحيل أوتوماتيكي، يعد بداية تطبيق قرار غير مرتجل ويصب في صلب التوجيهات الساركوزية التي تراها المعارضة اليسارية ونواب اليمين الوسطي المعتدل استمرارية منطقية لمسار سحب البساط من اليمين المتطرف الذي راهن دائما على غزو المهاجرين لفرنسا صاحبة فريق كرة قدم مكون في معظمه من لاعبين سود وعرب، على حد تعبير جان ماري لوبان· إيريك بيسون، المتهم بتطبيق سياسة هجرة غير إنسانية تتناقض مع المبادئ الجمهورية، رد أمس على جان بيار شيفمان، وزير الداخلية الاشتراكي السابق وقال إنه يفعل ما قام به شيفمان ودنيال فايا· وفي تقديره ''الحرب أو الظروف السياسية الصعبة التي تحجج بها الكثير من المهاجرين غير الشرعيين ليست لها علاقة بهدف القضاء على شبكات المتاجرة بالمهاجرين والسيطرة على الهجرة حفاظا على مصداقية خطابنا السياسي لا يمكن أن تتم إلا من خلال إجراءات عملية ومحسوسة لا مكان فيها للتأويل الديماغوجي أو العاطفي أو الملائكي'' على حد تعبيره المنقول على لسان رئيس الحكومة الاشتراكي ليونال جوسبان· المراقبون للشأن الداخلي من اليمين أو اليسار يؤكدون بأن الشروع في ترحيل المهاجرين غير الشرعيين بسرعة قياسية مباشرة بعد القضاء على غاب كاليه في شمال فرنسا قبل شهر (راجع ''الفجر'') لا يخرج عن نطاق مسعى وزير الداخلية، إيريك بيسون، لتدارك تبعات رفضه قانون الجمعية الوطنية المتعلق بالفحص الجيني للمهاجرين، الأمر الذي يعكس في تقدير بعض المحللين استقلالية وذكاء بيسون حيال تعامله مع الأغلبية البرلمانية والحكومية التابعة لساركوزي· وحسب مجلة ''الفيغارو'' فإن هذا الأسلوب لا يعدو إلا مناورة ''بيسونية'' خارجة من رحم تكتيكات مثله الأعلى الجديد ساركوزي· إجراء ترحيل أفغانيين قبل أمس رغم كل المعارضين من الجمعيات اليسارية والحزب الاشتراكي، لا يفسر حسب البعض الآخر، إلا باقتراب موعد الانتخابات الجهوية القريبة التي دفعت رموز الساركوزية إلى تكثيف الحملات الإعلامية القائمة على ثلاثية: الأمن، الهجرة والضرائب، وهي الثلاثية التي سمحت لهم بربح قلوب وعقول ملايين المواطنين من اليسار واليمين واليمين المتطرف· وفي سياق الهاجس الأمني، يمكن إضافة مشروع إصدار قانون منع ارتداء البرقع في الأماكن العمومية الخاضع للدراسة لحظة كتابة هذه السطور· وحسب الخبراء القانونيين فإن مصادقة المجلس الدستوري على هذا القانون ستسمح بتطبيقه باسم احترام كرامة المرأة والمساواة بين الجنسين·