ولماذا جرى إطالة حبل المشنقة وبشكل متعمد، وما هي دلالات تنفيذ حكم الإعدام في مبنى الاستخبارات، ولماذا كان هناك من يخطط لاختطاف جثمان صدام وأخذه إلى إيران؟ وركز المؤلف في كتابه على شهادات ومذكرات الرئيس الراحل الشفوية، واعدا بكشف حقائق أخرى عند نشر مذكراته الخطية• يقول الدليمي إن الوقائع التي رصدها في كتابه والتي يكشفها لأول مرة نقطة في بحر الحقائق المسكوت عنها، واعدا بكشف حقائق أكثر في كتابه القادم والذي ينشر فيه مدونات الراحل الخطية• وأشار المؤلف إلى أن كتابا واحدا لا يتسع لمذكرات الرئيس الشفوية، فما بالك المدونة التي بلغت مئات الصفحات• صدام حسين•• أخبروا العراقيين أن قيس النامق وشى بي للأمريكيين ويسرد المؤلف بلسان صدام حسين ما وصفها بالقصة الحقيقية لأسر الرئيس العراقي الراحل، التي تورط فيها صديقه المقرب المدعو قيس النامق• ويقول الرئيس الراحل إنه كان يتردد على دار أحد الأصدقاء في قضاء الدور في محافظة صلاح الدين، ''وكان صاحب الدار صديقا أثق به ثقة كبيرة وهو قيس النامق''• ويضيف المؤلف على لسان صدم حسين دائما، أنه درءًا لأي طارئ، قاموا بوضع دراجة نارية وحصان وزورق جاهز في النهر أمام الدار لاستخدامها جميعا عند الحاجة• ويتابع المؤلف أن الرئيس العراقي الراحل كان يمضي وقتا في بيت صديقه أكثر من أي وقت آخر، ففي أحد الأيام، كنت في أماكن بعيدة ولعدة أيام أتفقد بعض فصائل المقاومة وبعض دور العراقيين، عدت لهذه الدار وأنا منهمك من التعب، كان الوقت عصرا، فأخذت المصحف الشريف وقرأت بعض الآيات وبقيت حتى الغروب(•••)، فإذا بصاحبي يأتي راكضا من خارج الدار صائحا: لقد جاءوا، مكررا هذه العبارة عدة مرات، فتساءلت عمن يكونون، فأجاب: الأمريكان• ويقول المؤلف إن الرئيس أخبره أنه نزل إلى الملجأ، وبعد دقائق اكتشف الأمريكان مكانه فقبضوا عليه من دون أية مقاومة، ''بل لم أضع في حسابي مقاومتهم لأن السبب هو أنني قائد، ومن جاءوا كانوا جنودا وليس من المعقول أن أشتبك معهم، وأقتل واحدا منهم أو أكثر وبعدها يقومون بقتلي، فهذا تخل عن القيادة والشعب، لكن لو كان بوش معهم لقاتلته حتى أنتصر عليه أو أموت''• ويضيف المحامي أن الرئيس الراحل تكونت لديه بعض الملاحظات على صديقه صاحب الدار، فقبل أسبوع من الاعتقال، بدا له شارد الذهن، وبدأ وجهه يتغير وتصرفه غير طبيعي، ''ومن شدة ثقتي به لم يساورني أدنى شك في احتمال أن يغدر بي•• بدا لي في بعض اللحظات أنه خائف ومرتبك، ومع الأسف فإنه ركب الهوى، وتبع الشيطان، وربما هي الغنيمة التي وعده بها الأمريكان• أما أنا فلم أكن أملك مبلغا كبيرا من المال لأتحسب للخيانة مكانا، كان كل ما معي هو مليون ومئتان وثمانون ألف دينار، أدير بها بعض عمليات المقاومة•• لذا، عليكم أن تخبروا العراقيين أن قيس النامق وإخوانه هم الذين وشوا بي''• تفاصيل صفقة قتل الرئيس صدام ويعرض الدليمي في الفصل الخامس والعشرين من الكتاب تفاصيل صفقة قتل الرئيس صدام، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية حاولت إلقاء مسؤولية ارتكاب جريمة قتل الرئيس على الحكومة الموالية لإيران، إلى أن ''عددا من كبار الضباط الأمريكيين ضغطوا على السفارة الأمريكية للاتصال بواشنطن لتأجيل تنفيذ عملية قتل الرئيس''• وتذهب هذه المصادر الى حد القول إن ''بعض هؤلاء الضباط أوحى بأنه سيرفض تسليم الرئيس إلى حكومة المالكي، وأن زلماي خليل زاد، سفير أمريكا في المنطقة الخضراء فشل في اقناع المالكي بتأجيل عملية القتل''• ويضيف المؤلف أن الجنود الأمريكيين كانوا يراقبون صدام حسين الساعات التي سبقت إعدامه مخافة أن يقوم بشنق نفسه، ''وفي الرابعة فجرا، قدم إلى غرفة الرئيس قائد المعتقل، وأخبره بأنهم سيسلمونه للعراقيين، وسأله عما يطلب (•••)، ثم طلب ان تسلم حاجياته الشخصية إلى محاميه، ومن ثمّ إلى كريمته رغد''• ويروي الدليمي أنه تم نقل الرئيس الراحل على متن إحدى طائرات ''البلاك هوك'' الأمريكية، حسب المصدر الأمريكي نفسه، وطلب منهم عدم تغطية عينيه• وبعد دقائق حطت الطائرة في معسكر أمريكي يقع داخل منظومة الاستخبارات العسكرية السابقة الواقعة على الجانب الغربي لنهر دجلة في منطقة الكاظمية• ويتابع المؤلف أن تنفيذ حكم الإعدام على الرئيس بعض الوقت لحين مجيء مقتدى الصدر الذي تنفي بعض المصادر وجوده لأسباب معروفة، ''كيلا تحرج حكومة الاحتلال ولا حتى الاحتلال نفسه• ثم جاء مقتدى ومعه حراسه، وحينما شاهد الرئيس جالساً يقرأ القرآن، قال له: ها شلون الطاغية؟ نظر إليه الرئيس باحتقار، مما حدا بأحد حراسه إلى ضرب الرئيس بعقب بندقيته على رأسه''• ويشير المحامي إلى أن قادة وأئمة من الشيعة كانوا بانتظار صدام حسين في المكان المخصص للإعدام، ''ولم يتواجد أي إمام سنّي كما ادّعوا''• ويؤكد الدليمي أن الرئيس بدأ يهتف بحياة الشعب، ''واستقبلته هذه الجماعات بالشتم والكلام البذيء والهتافات المعادية، بل حاول بعض هؤلاء المسؤولين وقادة فرق الموت الاعتداء على الرئيس وضربه، وهو مكبل اليدين''• وفي تلك الاثناء، يتابع الدليمي ''قام مصور المالكي بتسجيل اللقطات وتصويرها، ثم فكوا الأصفاد من الأمام، وأوثقوا يديّ الرئيس من الخلف، واستبدلوا السلسلة التي كانت تتدلى بين قدميه بوثاق آخر خاص بحالات الإعدام''• ويتابع المؤلف ''وقف الرئيس أمام حبل المشنقة، بكل شموخ وصبر وإيمان، كما شاهده العالم أجمع• وهذا المشهد العظيم للرئيس، كان عكس ما قاله الربيعي من أن الرئيس صدام حسين بدا خائفاً• صعد إلى المشنقة وهو يقول: يا الله يا الله• وقف أمام الحبل بكل شجاعة، وبعزيمة قوية لا تلين''• لماذا استخدمت في الحبل الذي شنق فيه صدام 39 عقدة؟ ويجيب الدليمي عن تساؤل لماذا استخدمت في الحبل الذي شنق فيه صدام 39 عقدة بالقول إن ''أحد الجنود الأمريكان من أصل يهودي، دخل الى القاعة فأخذ يقيس طول الحبل حتى وصل إلى 39 عقدة (وهو عدد الصواريخ التي أطلقها العراق على تل أبيب في العام 1991 والتي كانت من أسباب حقد الصهاينة على الرئيس صدام حسين والسعي لإعدامه)، ثم طلب من الحاضرين أن يزودوه بآلة قطع فأعطاه احدهم سكين جزار، والتي كانت معدة ليقطعوا بها عنق الرئيس، ويفصلوا الرأس عن الجسد لكي يحتفلوا بعدها بحمل الرأس ويطوفوا به بمسيرات طائفية كبيرة في مدينة الثورة تشفياً به''• ويروي المحامي في مؤلفه أن الرئيس ''رفض وضع الكيس الأسود على رأسه، وسمح لهم أن يضعوه على عنقه تحت الحبل''• وأشار أن هذا الحبل ''وصُنع بطريقة مخالفة للقانون من حيث الطول ونوعية الحبل، وكذلك (الدركة)•• وقد وضع على عنق الرئيس كما أراد''• فهل شنق أم قتل؟ يقول الدليمي في كتابه إن ''الحبل تمت إطالته وبشكل متعمد كي يسقط الرئيس حياً على الأرض ويقتلوه ركلاً، وفعلاً هوى الرئيس على الأرض، ورفع رأسه، مبتسماً، إلا أنهم قاموا بركله وضربه بشدة''• ويشير المحامي إلى أن تنفيذ حكم الإعدام في مبنى الشعبة الخامسة في مديرية الاستخبارات العسكرية سابقا، ''للدلالة على روح الانتقام الإيرانية من العراق الذي تمكّن بقيادة الرئيس صدام حسين من صد الحملة الخمينية الرامية لغزوه''• ويتابع المؤلف ''جاءت التعليمات الأمريكية بعدم الموافقة على نقل جثمان الشهيد إلى خارج العراق، وأن يدفع متأخرا من ليلة تسليمه، أي في الساعة الثالثة والنصف فجرا، في المكان الذي ولد فيه•• أي في العوجة''• ويسرد صدام تفاصيل الاحتلال قائلا ''من الأمور التي لابد أن نذكرها خارج السياقات العسكرية والقتالية المعمول بها والتي لم يتوقعها حتى إخواننا القادة وهم يضعون خططهم العسكرية والخطط البديلة، هو قيام العدو بالمباشرة بالهجوم البري الواسع، متزامنا مع القصف الجوي والصاروخي وحتى المدفعي، وذلك لتليين الأهداف كما سبق، وعادة ما يستمر هذا، وفقا لما هو معمول به، عدة أيام وربما شهر أو أكثر كما كان عليه العدوان الأمريكي ,1991 حيث استمر القصف لأكثر من شهر، ثم بدأ الهجوم البري بعد ذلك''• ويتابع صدام ''من الأمور الأخرى التي كنا قد وضعناها في حساباتنا، أن العدو سيتقدم من جبهتين أو أكثر مع إنزالات هنا وهناك• إحدى هذه الجبهات معروفة وهي الحشد الأكبر للقوات الأمريكية (الكويت)، والثانية من الجبهة الغربية''• ويضيف ''أما ما يخص الصمود الرائع للبواسل في أم قصر من أبطال لواء المشاة (45)، فقد قام هذا اللواء بقتال العدو بشكل أذهل العالم، وصموده الأسطوري زعزع الثقة في نفوس الأمريكان والبريطانيين وهز معنوياتهم• كذلك كان صمود قواتنا الباسلة في الزبير ومقاومتها الشديدة، فقد عضد وعزز معنويات إخوانهم في هذا البطل•• كما أن صمود قواتنا المسلحة ومن خلفها ظهيرها شعب العراق الأبي في كل الجبهات أعطى العزيمة لباقي القواطع''• ويتابع الرئيس الراحل: ''وبعد أن تمكن العدو من احتلال بعض مدن العراق، كان يريد إيصال رسالة واضحة، وهي أن كل شيء قد انتهى، وبالتالي تدمير معنويات العراقيين، جيشا وشعبا، فضلا عن استخدامه أسلحة محرمة دوليا في ضواحي بغداد''• ويضيف ''نقول إن المقارنة بين الذي حصل في أم قصر وصمودها الرائع، وبين الذي حصل سريعا في بغداد هي مقارنة غير وجيهة من الناحية العسكرية على الأقل• كما أن إسراف العدو بتركيزه على قصف بغداد ومحيطها بشكل بربري متواصل لمئات الساعات، أدى إلى تدمير قطعات بأكملها وتشتت أخرى مما جعلها هدفا سهلا لطائرات العدو وصواريخه خاصة وأنها كانت تفتقر إلى غطاء جوي، وكذلك في حالة عودة هذه القطعات وتخندقها، فقد تم تدمير معظمها في مواضعها الدفاعية مما أدى إلى استنفاد البديل، كما أن وضع أطراف بعض المحافظات ضمن قاطع عمليات بغداد، كان خطأ أو على الأقل سوء تقدير مع بعض التقديرات الأخرى التي لا تتلاءم مع التغيرات الجوهرية التي حصلت في الميدان من خلال جهد العدو الكبير وتكتيكاته''• ويصف ''العدوان'' بأنه ''كان شرسا وواسعا، وبذل العدو جهدا خاصة في الأيام الأخيرة، بتكثيف القصف الجوي والصاروخي على بغداد ومحيطها، إذ كان الهدف الرئيس للعدو هو بغداد أولا''• بيد أن الدليمي يحيل أسباب تمكّن الأمريكان من احتلال بغداد كما رواها صدام حسين له بلسانه إلى ''الحصار الذي دام أكثر من ثلاثة عشر عاما، وما رافقه من استمرار الحرب بكل صفحاتها، واعتماد الأمريكان سياسة الخداع والتضليل حول مزاعمها مما دفع بعض الأصدقاء والأشقاء العرب لتصديق رواياتها، فضلا عن الفرق الهائل بين القوتين وخاصة القوة الجوية والصاروخية وعدم وجود أي غطاء جوي للجيش العراقي، واستخدام القصف الجوي المكثف الذي لا مثيل له والذي كان مستمرا على مدار الساعة، مما ساعد على شل قدرة قواتنا البطلة سواء أكانت الدروع أو المدفعية أو حتى المشاة''• ويضاف إلى ذلك ''استخدام العدو لأسلحة محرمة دوليا، بعضها استخدم لأول مرة، وخاصة في مطار بغداد بعد المعركة الشهيرة التي خسر فيها العدو مئات القتلى وعشرات الدروع، مما أفقده صوابه، وقام بضرب قوات الحرب والقوات المتجحفلة معها بقنابل نووية تكتيكية، إلى جانب استمرار القصف على بغداد بشكل وحشي وضرب السكان الآمنين، واستخدام العدوان للطريق الصحراوي بمحاذاة المدن، وتفوقه النوعي علينا بالسلاح المتطور، ما أفقد قواتنا القدرة على الحركة نهارا لعدم وجود غطاء جوي وإسناد مدفعي لها، وتركيزه على خيار الوصول إلى بغداد، وهجوم العدو من جميع الجبهات وقيام العدون باستخدام عملائه من المخربين وعملاء إيران في الهجوم علينا''• يقول الدليمي إنه سأل الرئيس عمّا راج من إشاعات عن وجود خيانات في صفوف القيادات العسكرية، فنفى نفيا قاطعا، وقال ''سمعت أن هناك من يتحدث عن خيانات حدثت أثناء المعارك، فأقول لك يا ولدي إن جيشنا معروف ببسالته وبطولاته، فبجيشنا إن حصلت فقد حصلت بشكل محدود وبمستويات واطئة ضعيفة التأثير، ولم تؤثر على نتيجة المعركة إطلاقا''• ويضيف صدام ''مما ساعد في احتلال العدو لبغداد، استخدام الخونة والعملاء أقراصا وأجهزة تحديد الأهداف، وقد تبيّن في ما بعد، أن بعض ضعيفي الأنفس والخونة قد تغلغلوا في بعض الأجهزة الأمنية العراقية''•