ينقسم في نظري المصريون لقسمين، بينهما برزخ لا يبغيان، وحِجر لا يمتزجان، وخط واضح• أولهم يتسامى بالطهر في الفكر والدين والحكمة والعلم والأدب والذوق والتعقل، وآخرهم يَسُف ولا يعفّ، ويذم ويعم، ويعكر ولا يطهّر ويجهل ولا يعقل، وأن مصر إذا رشدت لا يحد رشدها حدود، وإن غوت فلا يحد غوايتها أحد، اللّهم إنّا نسألك رشد مصر فإنها إن رشدت رشدنا ونعوذ بك من غواية مصر فإنها إن غوت، غوت لوحدها، ولكنها تدمر من حولها كل شيء صلفا وتكبّرا وجهالة• والأمر هكذا، فإننا نستميح أخوتنا من المصريين الطاهرين الطيبين من الصحفيين أمثال أماني الطويل ورسلان، والعلماء العقلاء أمثال مكرم عبيد الزويل والشعراوي، ومصطفى محمود والقرضاوي وكشك وخلافهم الملايين من أساتذتنا في الجانب الأول الذين عمروا الدنيا علما ورشدا وإرشادا وأدبا وشعرا وجمالا وخصالا حميدة، وأرجوهم أن يسمحوا لنا أن نبري أقلامنا تجاه تلك الفئة الباقية المارقة الآبقة التي تحرق البخور للدور الصهيوني في مصر العروبة فئة الجهلاء المستعبطون المتبلطجون المتعدون المستحقرون، الذين لا يعرفون ربا ولا يختشون ولا يرعوون، الذين لا يردهم دين ولا ويلجمهم وازع أو رادع من الصلف والتكبر والاستهجان بالشعوب الأخرى، أو حتى بكم أنتم أخوانهم من عقلاء وعلماء مصر• هؤلاء الجهلة الذين يمثلهم لفيف من الممثلين والراقصين متخصصي العشرة بلدي وهزّ الوسط من الداعرين والمتخنثين ومعاقري الخمر والإدمان، ويعاضدهم ويرفتهم حشد كبير من المندسّين من الجانب الرسمي أمثال الدكتور الفقيه ومن لفّ لفهم ممن يؤطر لمصر ويريدها أن تبقى أبدا خنجرا في خاصرة العروبة والإسلام، ولعب دور الخزي والخذلان والخبال والتضليل، بعد توقيع اتفاقية الخنا والذل والعار كامب ديفيد، ودسّ العرب لاحقا في سمومها، ما جعل ميزان المنطقة في كل المجالات يحسب لصالح إسرائيل والصهيونية العالمية• ويبدو أن هدف عنتر في مباراة أم درمان، لم يمزق غشاوة من العقد النفسية لبعض المارقين من الشعب المصري فحسب، ولكنه قد مزق أيضا جلبابا من التصبر والحشمة المضللِة التي كانت تتدثر بها بعض الوجوه من الجهات المتحوكمة المنافقة في مصر، أمثال السيد الدكتور فقيه، وعمرو أديب، والمصري الذي تجرأ وسأل السؤال (لماذا يكرهنا العرب؟)• السؤال المحرّم بين تلك الفئة من المصريين، والمعروفة إجابته بينهم سلفا، والذي يلف حياتهم بالشعور النتن الذي تتنزى به جباهمم، ويشعرون به بين الشعوب شعور الغبن المدفون والشخص المأفون، والذي يمثل غصة في حلوقهم وعقدة في ضميرهم، ما فتح تلك الأفواه بمنتن القول وسفيهه وإلحاق الأذى بالغير، ومن ثم تفجير العقدة المزمنة التي تصيب كثيرا من القوم فيجهلون ويتصرفون كالثور في مستودع الخزف، خصوصا من خرج منهم للغربة في البلدان العربية، وسمع همسا أو لمزا أو مجاهرة الحديث عن المصاريا• كيف يكرهكم العرب وقد مثل لهم بعض أبناء مصر(أم الدنيا) الجدد، دور هابيل (الأخ) الأكبر، الغاصب ذو الصوت الجهور، والذي يمشي تكبّرا ويتحدث بأنكر الأصوات وأنكر النعرات وأبذأ الصفات، إذا خالف خاصم، وأبق عن الحق وشاقق، وإذا صادق نافق، ودنى وزنا، وخنا، وقد عرفنا عنهم الكثير من الجور والزور وعرفهم كثير غيرنا من شعوب العالم لاسيما العرب، فكيف يكرهونكم؟ كيف يكرهكم العرب وقد مثلت قنواتهم الفضائية دور المعلم والموجه للشعوب العربية في الفسق والانحلال الخلقي والتبرج والتفسخ عن الدين والتجهيل والتضليل، ولعب دور الوسيط الناقل لسفاهات اليهود وأخلاقهم المنحطة، والتي أودت بكثير من القيم وجلبت كثير من السفه والانحطاط في أخلاق الشعوب العربية، بعد أن خلت تلك القنوات من الله والرسول والدين والقيم الأخلاقية وواصلت رسالة الجنون والمجون لأكثر من ثلاثين عام أو يزيد؟ فأبق من أبق، وعقّ من عقّ وشقّ من شقّ من شباب الأمة العربية؟ وكيف يكرهونكم وقد لعبت مصر الرسمية منذ اتفاقية العار أفضل الأدوار نيابة عن الصهاينة والأمريكان• لعبت دور المخذل والمروّع والمغتصب والمدمر لأخلاق الشعوب العربية يمنة ويسرى، بعد أن دمرت في مصر معنى العروبة والإسلام، وطردت علمائها وشردت عقلائها، وذلك لقاء حفنة أرز أو قمح ملوثة من أمريكا، يتوق لها أمثالكم حتى تئنّ صفوف الخبز من الزحام في الصباح والمساء، وغيركم يعرفون أنكم تفكرون فقط ببطونكم• فمن ملك بطنك فقد ملك قرارك وشعارك، أو حفنة جوائز من المخزي اليهودي نوبل، بعد ما إن مثلت كتابتكم العُهر والانحلال وتذويب الخلق والأخلاق؟ لماذا يكرهكم العرب وقد حوّلت مصر الرسمية مصر إلى معبر لكل مخططات صهيون والأمريكان! وقد حولت أكثر علماء الأزهر الشريف لفتوى الضلال والهزال، كما يفعل مفتي مبارك! بعد أن روّعت وأرسلت الكلاب الجائعة والزناة لخيرة علماء الأمة من قبل، وبعد أن شرّدت بقيتهم الآن يتجولون بين الدول العربية يرشدون هذا ويوجهون هذا• الرفيع بشير الشفيع - يتبع في عدد الغد -