إلى تغييب آليات المراقبة والمحاسبة الموجودة اتفقت عدة تشكيلات سياسية على أن ظاهرة الفساد تفشت في المجتمع بصورة ملحوظة، ترجمها عدد القضايا المسجلة في الإطار في السنوات الأخيرة، معتبرة الأرقام التي كشف عنها وزير العدل مجرد مؤشر، رغم إيجابية حصيلة محاربة الفساد، وانتقدت هذه التشكيلات حالة الفوضى التي رافقت اعتماد اقتصاد السوق، وخاصة في مجال عقد الصفقات، وعدم إنشاء الوكالة الوطنية لمكافحة الرشوة منذ تنصيبها بمرسوم رئاسي في 2006 إلى جانب تغييب دور مجلس المحاسبة• وربط المكلف بالإعلام على مستوى حزب العمال، انتشار ظاهرة الفساد بسياسة الانفتاح التي أعقبت تفكيك المؤسسات الاقتصادية الوطنية عام ,1982 والتي قال إنها تفاقمت مع اعتماد اقتصاد السوق الحرة وانتهاج الدولة لسياسية الخوصصة، ''ففتحت الباب للصفقات المشبوهة، فالقوانين الخاصة بمكافحة الرشوة موجودة، لكن الإشكالية في وجود إطار قانوني، وخاصة وضع أداة متخصصة في مكافحة الرشوة''، على غرار ''الوكالة الوطنية لمكافحة الفساد التي تقرر إنشاؤها بمرسوم رئاسي منذ ,2006 إلا أنها بقيت حبرا على ورق لحد الساعة''• وفي ذات السياق، اعتبر الأمين الوطني المكلف بالإعلام في حركة الإصلاح أن ''ظاهرة الفساد تنخر المجتمع كله من أعلى مؤسساته إلى أصغرها''، معتبرا أن عدم التكفل بالشباب والمتسربين من المدرسة، وتوفير مناصب عمل، وكذا عدم التركيز على تطوير المنظومة التربوية والاهتمام بها لإعداد جيل واع ومفكر، كلها عوامل ساعدت على انتشار الظاهرة، وغيرها من الآفات الاجتماعية، فالفساد حسب السيد عكوشي ''هو عدم الاستثمار في العنصر البشري، فالقوانين والآليات لمكافحة الظاهرة موجودة، ولكن ينقض ما أسماه مجلس محاسبة''• أما النائب عن حزب النهضة، السيد حديبي، فاعتبر أن عدد قضايا الفساد المسجلة لا تعكس الواقع،إذ أن الكثير من المفسدين لم ينكشف أمرهم، ومنهم من أسقطت عنه المتابعة القضائية لتمتعه بالنفوذ، ''المشكل ليس في عدم وجود قوانين لمكافحة الرشوة، ولكن في غياب الإرادة السياسية''، و''عدم وجود أداة رقابة في مؤسسات الدولة على غرار البرلمان، الذي فقد الدور المنوط به، وأصبح لا يمت بأية صلة للرقابة، بل إن بعض المنتخبين أنفسهم متورطون في قضايا فساد''• من جهتها، رفعت حركة مجتمع السلم شعار ''فساد قف''، كما دعت بعض الشخصيات إلى إنشاء لجنة وطنية لمكافحة الفساد بعد فضحية الخليفة، وكل تلك النداءات لم تحد من تفشي الظاهرة•