الرسول صلى الله عليه وسلم ترك أثرا طيبا في الأمة الإسلامية، فهو الذي هدانا وأخرجنا من الظلمات إلى النور، لذلك كان ميلاده أهم حدث في تاريخ البشرية على الإطلاق منذ أن خلق الله الكون، وسخر كل ما فيه لخدمة الإنسان، وكأن هذا الكون كان يرتقب قدومه منذ أمد بعيد. وسلط الشيخ فرحات المنجي، أحد كبار علماء الشريعة، الضوء على مولد النبوي وكيفية الاستفادة من هذه الذكرى العطرة التي نحتفل بها كل عام، وأوضح أن المسلمين اعتادوا منذ قرون على الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بتلاوة السيرة العطرة لمولده عليه الصلاة والسلام، وذكر الله، وإطعام الطعام والحلوى حبا في النبي صلى الله عليه وسلم وشكراً لله تعالى على نعمة بروز النبي صلى الله عليه وسلم. وللأسف ظهر في أيامنا من يحرم الاحتفال بالمولد بل يعتبره بدعة وفسق ولا أصل له في الدين. وأضاف “أن الاحتفال بالمولد النبوي عادة حسنة وليست بدعة أوحراما كما يظنه البعض، وأن شراء الأحصنة والعرائس من الحلوى في المولد ليس حراما كما يردد البعض، وأنه أمر مباح وليس فيه أي حرمانية”. لعل أول من أحدث الاحتفال بذكرى المولد النبوي هو الملك المظفر “أبو سعيد كوكبري بن زيد الدين علي بن بكتكين” صاحب إربل، وكان أحد الملوك الأمجاد، وكان يحتفل به احتفالاً هائلاً يحضره الأعيان والعلماء ويدعو إليه الصوفية والفقراء. وقد اختلف العلماء حول شرعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وانقسموا بين مؤيد ومعارض، وكان من أشد المنكرين لذلك المعارضين له؛ باعتباره بدعة مذمومة الشيخ “تاج الدين اللخمي” الذي يقول: “لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بدعة أحدثها البطّالون، وشهوة نفس اعتنى بها الأكّالون”. وقد انبرى الإمام السيوطي للرد عليه وتفنيد مزاعمه وإبطال حججه، وإذا كان بعض الناس يرتكبون أفعالاً منكرة في الاحتفال بالمولد، من لهو وصد عن ذكر الله وغير ذلك، فإن تعظيم هذا اليوم إنما يكون بزيادة الأعمال الصالحة والصدقات وغير ذلك من ألوان القربات إلى الله تعالى. يميل أكثر العلماء إلى شرعية الاحتفال بالمولد النبوي، ووجوب إحياء هذه الذكرى بالذكر والعبادة، والتماس مواطن القدوة في حياة صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم، والاقتداء به وإحياء سننه، والسير على نهجه وشرعته. واعتبر أن مناسبة المولد النبوي فرصة جيدة حتى نروي لأطفالنا غزوات الرسول وأخلاقه الكريمة بطريقة جميلة، وذلك من خلال التفاف الأولاد حول الجد أوأحد الوالدين، ومن ثم يبدأ في توزيع حلوى المولد عليهم، ويروي لهم قصصا عن سيدنا محمد، وكيف كان يعامل أصحابه، وعن صفاته وأخلاقه وتراحمه. ورفض إقدام بعض السيدات على طلب الطلاق من أزواجهن عندما يقوم الزوج بشراء حلوى المولد، مشددا على أن المولد النبوي هي عادة لا تخالف الشرع والدين والعقيدة.. لأننا لا نعبد الأحصنة أو العرائس الحلوى، كما أن المال الذي نشتري به هذه الحلوى ليس حراما. وأشار إلى أنه سيحتفل بمولد النبي مع أحفاده وسيحكي لهم عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه من الضروري أن تكون هناك رابطة بين أطفالنا والنبي، حتى يتعلموا من أخلاقه وتسامحه، وكيفية أدائه لصلاته ودعائه ومناجاته لربه. وكان سيدنا محمد هو خاتم المرسلين لأنه من العبث استمرار إرسال الأنبياء والمرسلين إلى يوم القيامة، فكان الأنبياء يمهدون لخاتم المرسلين سيدنا محمد والقرآن الكريم، ولم يأت أحد من الأنبياء قبل النبي وقال أنا خاتم الأنبياء.. إلى أن جاء رسولنا الكريم بسيرته العطرة ورسالته التي سنسير عليها إلى يوم الدين.