فشلت أولى لقاءات الصلح التي جمعت بين وزارة الصحة ونقابتي الأطباء الممارسين والأخصائيين "وغابت عنها اقتراحات ملموسة لتسوية المطالب المهنية الاجتماعية" وعلى رأسها إعادة النظر في القانون الأساسي، ما جعل النقابتين تتمسكان بمواصلة الإضراب المفتوح، مع العودة في أية لحظة للتجمعات الاحتجاجية، إذا لم تسارع الوصاية إلى الاستجابة خلال الأيام القليلة المقبلة. فرغم استحسان ممثلي النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية والنقابة الوطنية للممارسين الأخصائيين للقاءات الصلح التي دعت إليها وزارة الصحة والسكان بداية من الأسبوع المنصرم، إلا أن مظاهر السخط حيال فراغ فحوى الاجتماعات مع مسؤولي الوصاية لم تكن خافية. وقد تطرق الدكتور يوسفي، رئيس نقابة الممارسين الأخصائيين، خلال ندوة صحفية مشتركة عقدت صبيحة أمس بالعاصمة، بالتفصيل لمجريات اللقاءات، وقال إنه لا جديد يذكر حول لائحة مطالبهم، مؤكدا أن الوصاية أكدت سعيها إلى إيجاد سبل للخروج من المأزق دون إعطاء مهلة محددة أو مشروع مقترح لحل المشاكل القائمة، خاصة فيما يتعلق بمطلب إعادة النظر في القانون الأساسي للممارسين العامين. وأضاف أن مسؤولي الوزارة الوصية تعهدوا بالعمل على إيجاد ميكانزمات حول استفادة عمال قطاع الصحة من السكنات الوظيفية، وكذا العمل على دراسة مطلب صرف منحة التحفيز الخاصة فقط بالممارسين الأخصائيين التي لم تصرف منذ ثماني سنوات. وهي نفس التصريحات التي جاءت على لسان رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، مرابط الياس، مذكرا بالوسائل التي لجأت إليها النقابتان للظفر، أخيرا، باجتماعات الصلح هذه والتي جاءت، حسبه، بعد شهر من الإضراب المتواصل وسلسلة من التجمعات الاحتجاجية وطرق أبواب كل المسؤولين في الدولة من الوزير الأول ورئيس الجمهورية إلى نواب مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني. ولهذا الغرض، أشار نفس المتحدث إلى ضرورة التريث وعدم التسرع في الحكم على نية الوصاية ومنحها الوقت الكافي لتسوية مطالبهم، لكنه في نفس الوقت أكد أن لاجتماعات الصلح حد، وأن هناك مهلة لا يجب على الوصاية تجاوزها، موضحا أن الأيام القليلة المقبلة ستظهر نية الوصاية. ومهما كانت دوافعها وراء فتح أبواب الحوار، فإن مجالس النقابتين هو الذي سيحدد مصير الحركات الاحتجاجية المستقبلية، خاصة ما يتعلق بالتجمع الاحتجاجي أمام رئاسة الجمهورية الذي ألغي بسبب دعوة الوصاية للحوار والتفاوض. وقد تضامن ممثلو النقابتين مع الإضراب الذي دعت إليه نقابتا الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين والمجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، بعد "الزيادات الضئيلة التي حملها مشروع ملف التعويضات"، واستنكر الياس مرابط تشهير وزارة التربية برواتب الأساتذة التي لا ترتقي إلى تلبية مصاريف الشهر الواحد موازاة مع غلاء المعيشة التي تشهدها الجزائر. وحذر ممثلو النقابتين السلطات العمومية من مغبة تجاهل مطلب عمال قطاعي الصحة والتربية باعتبارهما القطاعين الأكثر حساسية بين القطاعات الأخرى. فالأول يتعلق بصحة المواطن، والثاني يتعلق بمستقبل التعليم بالجزائر ومستقبل التلاميذ، ما يستلزم تسوية فورية لمطالب هؤلاء العمال الذين يمثلون ثلثي عمال الوظيف العمومي.