خلقت ندرة مادة الإسمنت واحتكارها وارتفاع أسعارها بالسوق الموازية أزمة حقيقية للجميع من سلطات محلية ومتعاملي البناء والتعمير والأشغال العمومية لدرجة أنها عرقلت سير المشاريع التنموية وتسببت في تأخر الكثير من مشاريع السكنات وتوقف تام لأخرى بالجهة الشرقية من الوطن، الأمر الذي جعل المتعاملين وبعض الأطراف المعنية يتبادلون التهم حول المسؤول عن احتكار هذه المادة بالسوق الموازية لتوجه أصابع الاتهام لمؤسسة الشرق لتوزيع الإسمنت بحجر السود والمطالبة بتدخل الدولة لوضع حد لهذه الفوضى. أجمع المتضررون من هذه الوضعية على اتهام المؤسسة بعدم التحكم في تنظيم تموينهم بالإسمنت، مشيرين الى الفوضى السائدة في برمجة التوزيع، الأمر الذي فتح المجال واسعا لمافيا وبارونات الإسمنت للتحكم في أسعارها واحتكار السوق في غياب أجهزة الرقابة، ما أثر سلبا على وضعية المقاولات التي تعاني من ارتفاع تكاليف الإنجاز وجعلها عاجزة عن إتمام المشاريع المكلفة بإنجازها رغم وفرة الإنتاج السنوي. وحسب مصادر ”الفجر” من داخل المركب، فإن الكمية التي يتم إنتاجها كافية لتغطية جميع احتياجات السوق بالولايات الخمس الشرقية المرتبط تموينها بهذا المركب، الذي يزود كل المؤسسات والمقاولات العمومية والخاصة، وأيضا كل من له رخصة قانونية للتزود بمادة الاسمنت، وهذا عبر إقليم الشمال الشرقي، سكيكدة، عنابة، ?المة والطارف، كما أفادت ذات المصادر بأن بارونات ومافيا الإسمنت يستعملون طرقا شبه قانونية، بتقديم وثائق تثبت حصولهم على مشاريع وهمية بالولايات للاستفادة من حصص الاسمنت ضمن برنامج التوزيع الشهري، ليقوموا بعدها ببيع نصيبهم في السوق الموازية. كما كشفت ذات المصادر عن تلاعبات يقوم بها مقاولون، إضافة إلى أصحاب شاحنات نقل الاسمنت المحترفين، والمتمرسين في خبايا السوق الموازية، حيث يحولون الشاحنات إلى خارج ورشاتها ، ليتم تخزين كميات الاسمنت واحتكارها تحسبا لمعاودة إخراجها وتداولها في السوق السوداء في الأوقات المناسبة. وطالب عدد من المتعاملين في لقائهم ب ”الفجر” بضرورة ردع مثل هذه التلاعبات وفتح تحقيق أمني ووضع نقاط مراقبة عبر شبكة الطرقات الخمس، خاصة بعد اكتشافهم بأن التلاعبات بهذه المادة تتم بتواطؤ من جهات إدارية مع بارونات الاسمنت، حيث صار من المستحيل، يقول أغلب المقاولين، الاستمرار في العمل في ظل هذه التلاعبات التي أوصلت سعر الكيس الواحد من الاسمنت إلى 900 دينار، وهو سقف أسعار لم يعد الكثير من المقاولين، أصحاب مشاريع إنجاز سكنات ومرافق عمومية، يستطيعون تحمله، وجددوا مطلبهم بضرورة تدخل الدولة لتنظيم التموين بالإسمنت واعتبار هذه المادة استراتيجية وحيوية.