أثارت تصريحات الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي حول رفضه العفو الشامل تساؤلات واستفهامات عدة، تتعلق أساسا بالمغزى من مثل هذه التصريحات وفي هذا الوقت بالذات، سيما إذا علمنا أن هذا المسؤول السياسي معروف عنه أنه يزن تصريحاته ولا يكشف عن مواقفه إلا لتمرير رسائل مشفّرة• شدد أويحيى، الأمين العام للأرندي، على رفضه الحديث حول موضوع العفو الشامل، واعتبره موضوعا مستهلكا لا يجب حتى فتحه، في الوقت الذي تسعى بعض الأطراف إلى جعله ''حصان طروادة''، تساوم به وتعتبره استكمالا لمسار المصالحة الوطنية، الذي يحتاج إلى توسيع نطاق العفو، حسبها• وبالنسبة لأويحيى، فإن مسعى المصالحة الوطنية لا يحتاج الارتقاء به إلى العفو الشامل، كونه يحمل تدابير من شأنها التأقلم مع جميع الحالات التي كان يعجز قانون الوئام المدني عن معالجتها، والتي اصطدم بها في العديد من الحالات• وفي مفهوم الأمين العام للأرندي، الذي تحدث في الملف بلغة الواثق من أمره وبقبعة الوزير الأول، حتى وإن رفض ارتداءها، فإن ''العفو الشامل هو بمثابة العفو عن الجميع، بما في ذلك الذي زهق أرواح الأبرياء، والذي سرق أموال الخزينة العمومية، وهو أمر مستبعد''، في وقت ارتبط مفهوم العفو الشامل في ذهن كل واحد بالأزمة الأمنية وتداعياتها• لكن مثل هذه التصريحات لا تصدر عن الوزير الأول بالصدفة، أو إنما جاءت كرد فعل وإجابة على الأصوات التي كانت تنتظر من الرئيس إصدار عفو شامل بعد فوزه بعهدة ثالثة، والتي كانت تنتظر عفوا شاملا في جميع الميادين''، وليس مثلما حدده قانون المصالحة الوطنية، والذي قال عنه أويحيى ''جاء لتشكيل جبهة للتنديد بالإرهاب وإعادة المغرر بهم إلى أحضان أسرهم ووطنهم وإنهاء مسلسل المأساة الوطنية''• وأشار أويحيى إلى نقطة مهمة، ألا وهي أنه ''بحكم منصبه كوزير أول، فهذا يجعله في اتصال دائم مع رئيس الجمهورية، وبالتالي يطلع على التوجهات الكبرى لمخطط عمل الرئيس وحتى الملفات الكبرى''، ثم أضاف ''لقد تحدث الرئيس مرة واحدة حول ملف العفو الشامل بمناسبة الذكرى ال50 لاندلاع ثورة نوفمبر المجيدة، و قال أنه مستعد لإصدار العفو الشامل إذا كان الشعب يريد ذلك، لكن لم يبد أي نية في المبادرة إلى هذا الملف''• ويؤكد المتتبعون لمستجدات الساحة الوطنية أن ''تصريحات الوزير الأول والأمين العام للأرندي جاءت بإيعاز من رئيس الجمهورية لوضع حد لكل المزايدات التي تقوم بها بعض الأطراف السياسية، والتي تريد أن تجعل من ملف العفو الشامل سجلا تجاريا ومنه قطع الطريق أمام كل محاولات تسييس هذا الملف في المستقبل''•