كثيرة هي الظواهر التي ما تزال عالقة بذهنيات الكثير من سكان تندوف وبالخصوص النساء، ومن أبرزها لجوء البعض منهن إلى استعمال طرق متعددة لتسمين البنات، أو ما يعرف محليا بالتبلاح.. الذي تستعمل فيه مواد طبيعية كلحم الإبل، في الوقت الذي اتجهت أنظار الكثير من النساء صوب اختيار حبوب وأدوية يقال إنها تزيد في الوزن التبلاح ظاهرة ضاربة في عمق التاريخ يعتبر التبلاح ظاهرة قديمة لدى مجتمعات تندوف، وقد كادت تختفي من تراثيات سكان المدينة بسبب عدم إيلاء عناية كبيرة للسمنة. وتعود خلفيات الظاهرة إلى انتهاج أسلوب تسمين الفتيات وزيادة وزنهن، حيث كانت المرأة النحيفة في المجتمعات الحسانية لا تحظى بعناية واهتمام الرجال مما يدفع الأمهات إلى اتخاذ كل الطرق من أجل تعديل صحة بناتهن. وتتم العملية، حسب بعض نساء تندوف، بطريقة التبلاح، المستعمل فيه غالبا مواد طبيعية كلحم الإبل وشعير القمح وسنمان الجمل.. تحضر عبر سلسلة من العمليات تصل إلى مادة التبلاح، الذي يعتبر وسيلة لفتح الشهية وزيادة الوزن من خلال صنع الودك، وهو تذويب مادة الذروة لشحمة الإبل، ويتم إطعامه للفتيات كل صباح قبل تناول الفطور، إلى جانب النشا وهو حساء تقليدي عديم التوابل فيه نسبة ضئيلة من الملح. وبعد استكمال هذه الوجبة الصباحية يتم تناول اللحم المجفف المسمى ب”تيدكيت”، وهو لحم الإبل المجفف المضاف إليه الدهن، ويكون تناوله مباشرة بعد الوجبات الصباحية الأولى. التقت “الفجر” مع أمهات تندوفيات سبق لهن أن استعملن تلك الطريقة وأثبتت نجاعتها.. إذ بعد أشهر قليلة استعادت البنات “صحتهن” وأصبحن سمينات، ما يعتبر أمنية كل أم من المنطقة، حسبما قالته السيدة خديجة:”كنا في البادية نستعمل التبلاح كل يوم لبناتنا، لكننا توقفنا عنه عندما دخلنا المدينة”. أمهات يجتمعن لتسمين بناتهن.. لقد استبدلت ظاهرة التبلاح بما يسمى “بونغالاة”، وهي اشتراك مجموعة من النسوة من نفس الحي في صنع الأكلات المتنوعة، وأغلبها مصنوعة باللحم، ووجبات تقليدية قديمة كالحساء، وذلك رغبة منهن في اكتساب السمنة من جهة، وخلق أواصر التلاقي بين نساء الجيران حول موائد شعبية يتم تحضيرها جماعيا، وبجمع المساهمات التي تصل أحيانا 1000 دج للواحدة. ويكثر استعمال “وانغالاة” مع اقتراب المناسبات والأعياد والأعراس، رغبة من المشاركات في الظهور بمظهر لائق. وصرحت بعض النسوة أن وانغالاة هي مظهر للتزاور والتلاقي بين الأهل والجيران.. قبل أن تكون وسيلة لزيادة الوزن على شاكلة التبلاح. تبلاح بطريقة حديثة وأكثر خطورة مقابل ذلك هناك طرق أخرى تتبع للبحث عن السمنة باستعمال مواد وأدوية كيمياوية من حبوب وعقاقير، لكنها تبقى أقل شأنا من الطريقة التقليدية المستعملة من قبل الأمهات، وذلك لاعتمادها بالدرجة الأولى على مواد طبيعية ولحوم الماشية كالإبل ولبن النوق، إضافة إلى أعشاب صحراوية. تقول بعض النسوة بتندوف إن أحسن وصفة علاجية لتسمين البنات هي اللجوء إلى الطريقة القديمة، فهي أيسر وأكثر مردودية، بينما تبقى أخريات لا يعرن أي اهتمام لا للطريقة التقليدية ولا إلى العصرية ويفضلن البقاء على ما هن عليه من “رشاقة”. ومهما تعددت الطرق والأساليب في تفضيل مواد كيماوية للسمنة، إلا أن التجارب الحياتية للأمهات بتندوف أثبتت نجاعة لحم الإبل وشحمها المعروف بالذروة لتسمين البنات.. وبين هذا وذاك تبقى الصحة والمحافظة عليها هي أهم سبيل يجب أن يسعى إليه الجميع، والصحة الجيدة أسمى من البحث عن أسباب زيادة الوزن التي قد تؤثر سلبيا على الإنسان.