وضع الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، قيودًا جديدة على مفهوم الحرب الاستباقية الذي أرساه سلفه جورج بوش، وأشار الى تهديدات أخرى على الأمن القومي، بينها الأزمة الاقتصادية والاحتباس الحراري وحرب الانترنت والمعلومات والنزاعات الإثنية والانتشار النووي. وتنهي هذه الإستراتيجية أحلام عهد بوش بإعادة تشكيل النظام العالمي، من خلال استخدام القوة الأمريكية وتقر بزيادة دور روسيا في العالم، وظهور قوى جديدة مثل الصين والهند. وفي توضيح للاستراتيجية الجديدة، أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، قوة الولاياتالمتحدة، إلا أنها قالت إن هذه القوة ستستخدم بشكل أكثر حكمة وأقل مباشرة من قبل. وأعلنت كلينتون “نحن لسنا أقل قوة ولكن علينا استخدام قوتنا بطرق مختلفة”. وأوضحت “نحن نتحول من الاستخدام والتطبيق المباشر للقوة الى مزيج أكثر تطورا وصعوبة من القوة والنفوذ غير المباشرين”. وقالت إن هذه السياسة تتطلب كذلك الدبلوماسية المتأنية والصبورة. إلا أنها قالت إن الولاياتالمتحدة تعمل على إقناع الدول الأخرى على التركيز على الصورة الأشمل. وضربت مثلا على ذلك إسرائيل، وكيف أن عليها أن تبرم سلاما مع الفلسطينيين، وإلا سينتهي بها الأمر بأن تحكم أغلبية غير يهودية في المستقبل. وفيما يتعلق بالنقاط في الاستراتيجية الجديدة بشأن ما تصفه ب”القوة الذكية”، قالت كلينتون إنه يجب على الولاياتالمتحدة استخدام مجموعة من أدوات السياسة الخارجية، بينها الدبلوماسية والتجديد الاقتصادي ومساعدات التنمية والقوة العسكرية والتعليم. ومع ذلك تدعو الوثيقة إلى نهج حازم “خال من الأوهام” في العلاقات مع أعداء الولاياتالمتحدة مثل إيران وكوريا الشمالية. وهي تدعو هذين البلدين الى القيام “بخيار واضح” بين القبول بالعروض الأمريكية للتعاون أو مواجهة عزلة كبيرة بشأن برنامجيهما النوويين، إلا أن الوثيقة المؤلفة من 52 صفحة تؤكد كذلك على حق الولاياتالمتحدة في شن هجمات عسكرية أحادية، ولكن بشكل أكثر تقييدا مقارنة مع إدارة بوش. وقالت الوثيقة التي تعلن رسميا انتهاء خطاب الحرب الذي استخدمته إدارة جورج بوش وخصوصا مفهوم “الحرب على الإرهاب” عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، “سنسعى على الدوام الى نزع الشرعية عن الأعمال الإرهابية وعزل كل من يمارسونها”. وأضافت الوثيقة التي كانت ثمرة مناقشات داخلية مكثفة خلال 16 شهرًا من حكم أوباما “لكن هذه ليست حربًا عالمية على تكتيك هو الإرهاب أو ديانة هي الإسلام”، متخلية عن مفهوم “الحرب على الإرهاب” الذي كررته إدارة جورج بوش. وتابعت “نحن في حرب مع شبكة بعينها هي القاعدة ومع فروعها التي تدعم الاعمال الموجهة لمهاجمة الولاياتالمتحدة وحلفائنا وشركائنا”. وكان بوش استهدف في استراتيجيته للأمن القومي في 2006 الارهاب كمفهوم بشكل أكثر تحديدًا، معلنا أن “الحرب على الإرهاب لم تنته”. وبشكل عام، فإن الوثيقة تحدد نقاطًا هي الحوار النشط والمحافظة على تفوق الولاياتالمتحدة العسكري والاستخدام الواسع للدبلوماسية الاجتماعية والمساعدات التنموية. وقال أوباما في رسالة قدم فيها الاستراتيجية الجديدة “أمننا على الأمد البعيد لن يتحقق من خلال قدرتنا على إثارة خوف الشعوب الأخرى، بل من قدرتنا على تحقيق تطلعاتها”. ويؤكد النص أن “وسيلتنا الدفاعية المثلى ضد هذا التهديد تكمن في العائلات والادارات المحلية والمؤسسات المجهزة والمؤهلة بشكل جيد”، مؤكدا أن “الحكومة ستستثمر في الاستخبارات لفهم هذا التهديد”.