لم يحدد التعديل الدستوري الأخير مهام نائب الوزير الأول، وذكر في نص التعديل فقط أن إحداث منصب نائب الوزير الأول بغرض مساعدة الوزير الأول في ممارسة مهامه وكذا تخويل رئيس الجمهورية سلطة تعيين النائب أو عدة نواب للوزير الأول وإنهاء مهامهم، ومع هذا “الغموض” عدم وجود مهام نموذجية لنائب الوزير الأول قد تجعل من زرهوني “شريكا” أو منافسا لأويحيي يتبادر إلى الذهن أسئلة تتعلق بحقيقة تعيين وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين يزيد زرهوني، في منصب نائب الوزير الأول، إن كان تشريفا أم تكليفا؟ وهل يمكن أن يوصف زرهوني مستقبلا ب”المنافس” أو “الشريك” للوزير الأول أحمد أويحيى؟ وهل يمكن التوقع أن “تثار “مشاكل سياسية بسبب منصب نائب الوزير الأول. قدم، أمس، السياسي والحقوقي عضو المجلس الدستوري سابقا، عامر رخيلة، في تصريح ل”الفجر”، توضيحات “قانونية”، تتعلق بمهام نائب الوزير الأول، كونها تجربة أولى في النظام السياسي الجزائري، وقال إن عدم تحديد المهام في الدستور أمر عادي، وهو مسجل في دساتير العديد من الدول التي تعتمد النظام الرئاسي، مضيفا أن التعديل الدستوري الأخير كان محاولة لإعطاء لون سياسي للنظام الجزائري الذي كان هجينا من قبل، وذلك بترجيح النظام الرئاسي الذي يعطي لرئيس الجمهورية صلاحيات واسعة، وتجسد فيه السلطة التنفيذية، ويملك حق التفويض مثلما يملك حق الإقالة، وهو ما يعرف قانونا بقاعدة توازي الأشكال. وأوضح عامر رخيلة، أنه في النظام الحالي يعد أحمد أويحيى بمثابة حلقة من حلقات السلطة التنفيذية، تحت إشراف عبد العزيز بوتفليقة، وسيكون يزيد زرهوني مساعدا له في ممارسة مهامه، التي من حق بوتفليقة وبشكل كامل تحديدها، مثلما كانت له سلطة اختيار وزير الداخلية السابق، ليكون نائبا للوزير الأول بمقتضى تعديل حكومي. وقال في ذات السياق، “أن الإعلان عن طبيعة المهام الموكلة لنائب الوزير الأول، وان كان ضروريا، سيكون من خلال أحد الاحتمالات الثلاثة، فإما أن يصدر رئيس الجمهورية مرسوما رئاسيا يحدد فيه صلاحيات نائب الوزير الأول، وهو الاحتمال الأكثر رجاحة، أو أن يلجأ الرئيس إلى تحديد مهام زرهوني، والإعلان عنها في تعميم داخلي إلى كافة مؤسسات الدولة، وهو ما استبعده مصدرنا، وفي احتمال ثالث أن يعقد الرئيس اجتماعا مع كبار المسؤولين، يعلن فيه عما أوكله من مهام لنائب الوزير الأول”، وأشار المتحدث إلى أن هذه المسائل تدخل في آليات التسيير المعتمدة في الجزائر. وعن الاحتمال الأول، قال عامر رخيلة، إنه من المحتمل أن لا يلجأ إليه رئيس الجمهورية، لأنه لم يتم قبلا اللجوء إلى مراسيم رئاسية في تحديد مهمة وزير الدولة ومهمة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، كما أنه لا توجد آجال قانونية محددة تلزم رئيس الجمهورية بتحديد مهام نائب الوزير الأول، بما أن مهام هذا الأخير، أحمد أويحيى حاليا، محددة في الدستور، وأضاف أن المؤسس الدستوري، ليس له أن ينزل إلى مستوى تحديد صلاحيات الوزراء أو نواب الوزير الأول، بما أن السلطة الكاملة في يد رئيس الجمهورية، ملخصا القول بأن كل هذه الأمور تطرح في الجزائر طرحا سياسيا وليس دستوريا، ما يدفع إلى التساؤل عن نقاط الظل في الحديث عن نائب الوزير الأول وصلاحياته ومهامه. وبالمقابل، يتمتع الوزير الأول بثلاثة أنواع من الصلاحيات، أولاها رئاسة اجتماعات الحكومة، وهي الصلاحيات المفوضة له، ولا يمكن في أي حال من الأحوال استرجاعها لأنها مدسترة، بالإضافة إلى إصدار المراسيم التنفيذية، والمبادرة بمشاريع القوانين، واستدعاء البرلمان في دورة استثنائية بأمر من رئيس الجمهورية، واستشاريا يتم استشارته في حال حل البرلمان، أو إجراء انتخابات تشريعية مسبقة، بالإضافة إلى استشارته من قبل رئيس الجمهورية، لتعيين أعضاء الحكومة من وزراء وغيرهم، فهل سينتزع بوتفليقة جزءا من هذه الصلاحيات من أويحيى ليعطيها لزرهوني؟ وإن كانت لا توجد مهام نموذجية لنائب الوزير الأول في النظام الرئاسي، فإن الباب مفتوح أمام احتمالات عديدة، فمن الممكن جدا أن تبرز مستقبلا إشكالية في صلاحيات أحمد أويحيى، ونورالدين زرهوني، قد تجعل زرهوني إما “شريكا”، وإما “منافسا”، وقد تظهر “مشاكل سياسية”، تكون دافعا إلى دسترة أكبر للحياة السياسية في الجزائر، وتمكن أيضا من اكتشاف آليات دستورية جديدة، ومن الممكن أن يساهم وجود زرهوني، في منصب نائب الوزير الأول في دفع وتفعيل أكبر لعمل الحكومة.