كتبت منذ أكثر من سنة في هذا الموقع مقالا تحت عنوان "أنفلونزا الغباء"، أيام بدأ الحديث عن الوباء الجديد، أنفلونزا الخنازير، وبدأت مخابره تنشر الرعب في العالم لبيع منتوجها، وها هي اليوم اتضحت حقيقة ما تخوفنا منه، ويبدو أن الأنفلونزا ليست أنفلونزا الغباء وإنما أنفلونزا انعدام الأخلاق العلمية، وأنفلونزا الرشاوى التي تلقاها العلماء الذين أقروا بخطورة هذا الداء لأنهم تلقوا أموالا من هذه المخابر. وها هي الحقيقة التي تحدثت عنها وزيرة الصحة الفنلندية منذ بضعة أشهر عندما قالت إن هذا الوباء مفتعل تريد من ورائه مخابر إنتاج اللقاح الضحك على الشعوب والثراء غير الشرعي .. وها هو التقرير البريطاني يكشف حقيقة هذه اللعبة النتنة، وكشف التقرير أن "العلماء الذين قدموا لمنظمة الصحة العالمية الاستشارات بوجوب توفير العقاقير للتداوي من الوباء سبق وأن عملوا في الماضي بمقابل مع شركات الأدوية الكبرى، وعلى رأسها "روتش" السويسرية التي تنتج "التاميفلو"، ومع شركة "غلاسكو". وبما أن الحقيقة انكشفت الآن، فهل من حق البلدان التي ضحك على ذقنها واشترت كميات كبيرة من اللقاح بأموال خيالية، هل من حقها أن ترفع دعاوى قضائية ضد شركات الأدوية، أم أنها ستبتلع السكين بدمه وتخجل من نفسها، لأنها أوكلت أمر التصدي للوباء لجهلة يدعون أنهم أطباء؟ نعم وأعني بهذا وزير الصحة السابق، الذي يبدو أن له شخصيا مصلحة من الصفقة، وإلا لماذا عزل مدير مخبر باستور الذي احتج على العملية وعقد صفقة شراء اللقاح دون الإعلان عن مناقصة ولم يستشر أحدا في الأمر؟ وكانت النتيجة ملايين الجرعات التي لم تستعمل، وأكاذيب تنشر في الصحف يوميا حول حصيلة الوفيات بهذا الوباء لتخويف الناس وإجبارهم على التلقيح، حتى لا يحاسب معالي الوزير على عملية فاشلة مثل هذه، والمصيبة أننا لم نعد نسمع عن وفيات جديدة منذ أن قاطع الجزائريون حملة التلقيح. كان من المفروض أن تفتح الدولة تحقيقا حول صفقة استيراد لقاح أنفلونزا الخنازير، لأني أشتم فيها رائحة مثل تلك التي نشرتها بريطانيا أمس، ومن يدري قد يكون بركات فعلها، وبالتالي فإن مصيره سيكون مثل مصير شكيب خليل، التنحية والمحاسبة. للتذكير، فإن الكثير من عقاقير التلقيح المخصصة للمواليد الجدد، والتلقيح المخصص لداء "الإيباتيت" "ب" و"س" غير متوفرة في السوق، لأن ميزانية الوزارة استهلكت في صفقة اللقاح، في غياب سياسة صحية رشيدة، أو على الأقل بسبب سوء تسيير وزارة بخطورة وزارة الصحة والسكان.