مصلحة الاستعجالات تستقبل أزيد من 15 حالة اعتداء في اليوم تخيم على شوارع وأحياء مدينة وهران منذ أشهر ظلمة دامسة نتيجة غياب الإنارة العمومية بسبب الأعطاب التي مست الأعمدة الكهربائية، حيث أحصت مصالح الولاية 25 ألف عمود كهربائي دون إنارة من بين 30 ألف. كشفت الجولة التي قمنا بها بعد الساعة التاسعة ليلا إلى حي المقري، المعروف سابقا بسان توجان، والذي لا يبعد عن مقر الولاية إلا ببعض الأمتار، أنه لا يختلف كثيرا عن معظم أحياء المدينة التي تحولت إلى دهاليز مظلمة بسبب انعدام الإنارة العمومية، ما عدا ضوء السيارات الذي يسطع من حين لآخر بين الأزقة. وأكد لنا بعض السكان الذين كانوا جالسين في شكل مجموعات متفرقة، أن ما يحز في أنفسهم أن عاصمة الغرب الجزائري باتت تفتقد إلى الإنارة العمومية والجميع أضحى مطالب بالتحلي باليقظة في حال ما إذا أراد مغادرة محل إقامته بعد غروب الشمس، حيث أصبحت معظم الشوارع مسرحا لجماعات الأشرار والعصابات التي فرضت منطقها باستغلال غياب الإنارة العمومية لتنفيذ مخططاتها الإجرامية. وكثيرا ما يقع سكان الحي والمواطنين ضحية لتلك العصابات، بحيث يتفاجأون بظهور عصابات مدججة بالأسلحة البيضاء والسيوف والقنابل المسيلة للدموع. وفي سياق متصل يستغرب أحد السكان قائلا: “لقد تمكّنوا من فرض حظر تجول ومن أراد المجازفة فليتحمل عواقبها”. وفي الصدد ذاته ذكر مسؤول طبي بمصلحة الاستعجالات بالمستشفى الجامعي لوهران عن استقبال أزيد من 15 حالة اعتداء يوميا أصحابها وقعوا ضحية جماعات أشرار، ويحوّل الكثير منهم إلى مصلحة الطب الشرعي لاستخراج شهادات العجز عن العمل بغرض تقديم شكاوي لمصالح الأمن، مضيفا أن عدد الضحايا يتزايد بعد العاشرة ليلا إلى غاية الثالثة صباحا، خاصة في فصل الصيف حيث يفضل الكثير من المواطنين والعائلات التنزه في الليل والتوجه إلى أماكن تناول المرطبات. وأضاف أن أحد الممرضين مؤخرا لقي حتفه إثر خروجه منتصف الليل من المستشفى لتعبئة رصيد هاتفه النقال، إلا أنه وجد في طريقه عصابة حاولت الاستيلاء على هاتفه وأثناء مقاومته وجهت له طعنات بالخنجر أوقعته أرضا. وأثرت حالة اللاّأمن على الجالية المغتربة وبعض السياح الذين أصبحوا الهدف المنشود لجماعات الأشرار، حيث إن مجموعة من الأقدام السوداء من فئة كبار السن كانت تقطن وهران سابقا كانت في نزهة بالحديقة المجاورة لمسرح الهواء الطلق لتصوير بعض الذكريات بالكاميرات، لتفاجئهم مجموعة من الأشرار بالخناجر استولت على ممتلكاتهم. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قاموا بالاعتداء عليهم وضربهم، ولحسن الحظ أن أحد الشهود أبلغ مصالح الأمن التي تدخلت لتحويلهم إلى المستشفى. وفي خضم تلك الصورة القاتمة التي تخيم على أحياء الولاية وشوارعها في ظل غياب مصالح الأمن، فإن الكثير من العائلات أضحت تقضي سهراتها في المنزل وترفض الخروج إلى الشارع لتفادي أي مكروه.