بلغنا أن اللاعبَيْن الدوليَيْْن، نذير بلحاج وعمري الشاذلي، بادرا هذه السنة بتموين مطعم رحمة وتجهيزه بالطاولات والكراسي، بمحطة قطار حسين داي، ومقر المنظمة الوطنية لتواصل الأجيال. ورغم أن الخبر أدهشنا في بداية الأمر، وامتزج فيه الامتنان والفرحة، فإن زيارتنا إلى عين المكان عمقت قناعتنا بحقيقة وبُعد المبادرة الإنسانية والاجتماعية و”الوطنية” 420 وجبة إفطار يوميا وطاولات لمرضى السكري والمجانين وعائلات بأكملها وكان اندهاشنا أكبر نظرا لحجم ونوعية العملية الإنسانية التي تؤكد مدى ارتباط اللاعبين بشعبهما ووطنهما، رغم الغربة، وكثافة الارتباطات في الخارج، بالإضافة إلى دعم لاعبي رائد القبة للمبادرة بحضورهم الدائم في المطعم، وتدعيم العملية من قبل عدة محسنين محليين. طوابير طويلة كانت أمام المطعم، نساء ورجال قدموا من كل جهة لتناول وجبة إفطار أو أخذ وجبة ساخنة لعائلاتهم، وهي وتيرة ظلت تتصاعد منذ اليوم الأول من رمضان، حيث تترك الخدمة وطبيعة الوجبة المقدمة انطباعا جيدا لدى رواد المطعم من الفقراء وعابري السبيل، فضلا عن الموقع الاستراتيجي والهادئ الذي يتوسط حسين داي ويضمن كرامة المعوزين لبعده عن الشارع الرئيسي، حيث كان لمجهودات مناضلي منظمة تواصل الأجيال والمنتسبين إليها دورا حيويا في إنجاح المبادرة، خاصة وأن رعاية اللاعبين الدوليين، عمري الشاذلي ونذير بلحاج، كانت ترحما على روح والد عمري الشاذلي المرحوم الحاج محمد عمري، وهو الشعار الذي تحمله لافتة معلقة في مدخل المطعم. والشيء الذي لاحظناه عند دخولنا المطعم ساعة قبل آذان المغرب، هو مستوى النظافة العالي، والترتيب الجيد لطاولات الإفطار، وتنوع الأكلات وعمل الفريق في جو عائلي، وهو ما أكده لنا رئيس المنظمة، لحول عبد الحفيظ، القائم على تسيير المطعم، بمعية حرمه، وأضاف أن الوجبات تحضر بوجود طبيب مختص في التغذية، حيث قال إن “المطعم يستقبل يوميا فرقة تفتيش للنظافة والصحة من مديرية الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات بالقبة، أو تابعة لمصالح البلدية التي تقوم بعملها على أكمل وجه”، ليؤكد أن الوجبات المقدمة تنافس ما يقدم في فنادق 5 نجوم، فهي تحتوي على كل مقاييس التغذية. وحسب ما أفاد الأمين العام للمنظمة الوطنية لتواصل الأجيال، عبد الحفيظ لحول، خلال لقاء جمعه أمس ب”الفجر”، فإن المطعم يقدم 420 وجبة إفطار بشكل يومي، حيث تقدم 250 وجبة في عين المكان وهناك حوالي 200 عائلة تأتي لأخذ فطورها جاهزا لتفطر في منازلها، محافظة على الجو العائلي وكرامة أعضائها. وقال محدثنا إن العائلات تأتي من مقاطعة حسين داي، وحتى من مناطق بعيدة، على غرار أولاد هداج، تيليملي، بلكور، رويبة، ولاد موسى، القبة والحراش. وفي السياق ذاته، قال المتحدث هناك تقريبا من 10 حتى 12 من عابري سبيل يفطرون في المطعم، بحكم قربه من محطة المسافرين ومحطة القطار، في حين خصص المطعم طاولة للمجانين تكفي 12 شخصا، يتكفل المطعم بتقديم الفطور لهم، كما يستقبل المطعم عددا من النساء المتسولات. ويقول لحول إنه خصص طاولة ل20 شخصا للمصابين بمرض السكري، حيث يتم طبخ وجبات الإفطار الخاصة بهم وفق المعايير الصحية الضرورية لهم، كما يتم إعداد وصفات مطبوخة بإضافة مادة الصوجا لمساعدة أصحاب السكري. كما خصص طاولتين لعائلات بأكملها تفطر في المقر منذ بداية الشهر الفضيل. وحسب لحول دائما، فإن مطعم الرحمة الذي يديره، يتميز عن غيره من حيث التنظيم ومستوى النظافة، وهو الشيء الذي لاحظناه من الوهلة الأولى التي دخلنا فيها المطعم، وأضاف المتحدث أن المطعم يسير في ظروف حسنة بفضل الدعم المادي من طرف المساهمين في الأعمال الخيرية، إلى جانب اللاعبين الدوليين بلحاج والشاذلي. وبفضل الإمكانيات البشرية المتوفرة، فإن وجبات الفطور دائما تكون جاهزة في الوقت المناسب وبشروط النظافة والجودة المطلوبين، وفي هذا الشأن يقول محدثنا هناك 12 منخرطا في المنظمة يعملون بشكل دائم، أما المتطوعين فلا يقل عددهم عن العشرين يوميا من كل الفئات الاجتماعية، بما فيهم لاعبين من فريق القبة لكرة القدم. وتحدث لحول بإسهاب وعرفان بمبادرة بلحاج والشاذلي، حيث قال إن اللاعبين اقتنوا كل طاولات المطعم، ووعدوه بأنهم سيقومون بحملة تحسيس لدى باقي اللاعبين الدوليين والجزائريين المغتربين من أصحاب المال بأهمية دعم مثل هذه المبادرات في المستقبل، وكشف عن مبادرة أخرى مكملة لمشروعهما الإنساني تتمثل في اقتناء سيارات إسعاف لفائدة المرضى المزمنين الذين يصعب عليهم التنقل بمفردهم إلى المستشفيات أو مراكز الصحة، وذلك بمعدل سيارة لكل ولاية. كما عبر اللاعبان عن استعدادهما لدعم أية فكرة خيّرة تصب في هذا المجال مستقبلا.