عندما تقرر دخول كرتنا عالم الاحتراف مطلع الموسم الجاري اعتقدنا أن الأمور ستسير للتحسن من ناحية الأذهان قبل الأقدام، لكن يبدو أن كرتنا لن تتغير مع تغيير التسمية، وأننا مازلنا بعيدين بسنوات ضوئية عن الاحتراف الحقيقي الذي اشترطه الفيفا ونفذته الفاف من بلا خطيئة؟ لا يختلف اثنان أننا في هذا البلد المغوار الذي نال استقلاله بعد كفاح وتضحيات جسام من الأسلاف، دخل منذ مدة ليست بالقصيرة في انزلاقات خطيرة جدا من عدة مسؤولين في مقدمتهم مسؤولو الرياضة وبصفة خاصة كرة القدم، الذين حولوها إلى مرتع لتحقيق أغراضهم. ومع اندلاع الحرب الكلامية بين رئيس الفاف روراوة ورئيس ”الجياسكا” حناشي يطرح هذا السؤال نفسه بإلحاح: من بلا خطيئة..؟ وانزلاقات كلاهما لا تزال في الذاكرة ولا داعي للعودة إليها لتفادي صب الزيت على النار. رحلة القبائل إلى نيجيريا أزّمت الوضع لا يخفى على أحد أن الملاسنات الحادة بين حناشي وروراوة وإن لم تكن ظاهرة في الماضي القريب إلا أنها كانت حاضرة وبقوة، قبل أن تندلع إثر هدية الوزارة ”الملغمة” للجياسكا، حيث منحتها طائرة خاصة للتنقل بها إلى نيجيريا لتحفيزها في رابطة الأبطال الإفريقية رغم شكلية مواجهتهم لهارتلاند النيجيري، قبل أن يفاجئهم روراوة بمطالبتهم بدفع تكاليف الرحلة الخاصة التي لو كان القبائل يعلمون بذلك مسبقا لما تنقلوا عليها. استياء الفاف من حناشي رد فعل المسؤول الأول عن الجياسكا كان عنيفا جدا حيث قرر دون سابق إنذار فتح النار على غريمه روراوة، ما أرغم هذا الأخير على اللجوء مباشرة إلى العدالة لوضعه عند حده، لكون الفاف ليس من صلاحياتها اتخاذ مثل هذه القرارات وهي تساند الأندية الجزائرية التي تلعب المنافسات الدولية وليس العكس وتتحدث مصادر عليمة بأن التصريحات النارية لحناشي قد تتسبب بمعاقبته بعامين كاملين. انقسام الرأي العام تتداول هذه الأزمة بين روراوة وحناشي وسط انقسام للمتتبعين، فهناك من يرى الطرف الأول محقا في كل ما يفعله ويكفي أنه بفضل مجهوداته عدنا للمونديال وولجنا عالم الاحتراف، وهناك طرف ثان يؤيد حناشي ويعتبر روراوة ظالما ويطالب بالتغيير حتى أن هناك من ذهب إلى تنظيم حملة مساندة وجمع مليون توقيع لحناشي في حادثة غير مسبوقة بالجزائر. ماجر: الأندية الهاوية كلها مع حناشي تمكن حناشي من كسب تعاطف وتأييد العديد من الأطراف، أبرزهم رابح ماجر الذي يعلم الجميع بخلافاته مع روراوة الذي حسب المعني بالأمر هو من يقف في طريقه لتحقيق حلم حياته بتدريب المنتخب الجزائري، وخلف ماجر تأتي كل الأندية الهاوية التي وصل هوسها إلى حد مطالبة حناشي برئاسة الفاف..؟ أين الحل..؟ وسط كل هذه المعطيات المكهربة يبقى الحكم صعبا، وايجاد الحل أمر أصعب، لكن المؤكد أن انطلاق الاحتراف ببلادنا وسط صراعات كهذه أمر لا يخدم الكرة الجزائرية ويؤكد أنه من الأجدر بنا التفكير في احتراف الأذهان قبل الأقدام. باسم زغدي كل الرابطات الجهوية لمنطقة الشرق مع روراوة كان مقر الرابطة الجهوية بعنابة البارحة فقط قبلة لرؤساء مختلف الرابطات الجهوية بشرق البلاد الذين أصدروا بيانا إليكم نصه الكامل: بكل فرح وسرور وارتياح، نحن رؤساء الرابطات الجهوية والولائية لشرق البلاد على مستوى مناطق عنابة، قسنطينة وباتنة، المجتمعون هذا اليوم 27 سبتمبر 2010 على الساعة الحادية عشرة (11 سا) بمقر الرابطة الجهوية بعنابة، نسجل أن السيد محمد روراوة والمكتب الفيدرالي قد تمكنا من إطلاق أول بطولة احترافية عبر كامل التراب الوطني دون عناء بعد نحو 50 سنة من الاستقلال والممارسة الرياضية. وبهذه المناسبة يجدر بنا أن نتوجه بنداء أخوي إلى كل الفاعلين الذين ساهموا في إطلاق هذه البطولة وخاصة الفرق التي نتمنى لها بالمناسبة مشوارا حافلا بالتربية والدروس المليئة بالخبرة. نسجل بكل ارتياح العمل الشريف والنزيه والنبيل للسيد محمد روراوة والمكتب الفيدرالي لافتتاح الورشات الخاصة بتطوير كرة القدم الوطنية من خلال إطلاق الاحتراف ووضع أسس الأكاديميات، وأسس النخب الشبانية وكرة القدم النسوية وكذا كرة القدم داخل القاعة، والبرمجة عن قريب لمشروع كرة القدم الشاطئية. فلا يسعنا إلا أن نبتهج لتجسيد هذا العمل الجبار الذي نزكيه وندعمه كلية. نشكره على عودة الفريق الوطني إلى الواجهة على الساحة الدولية ومشاركته في نهائيات كأس أمم إفريقيا بأنغولا وكذا في نهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا بعد غياب طويل لأزيد من عشرين سنة. كما نشكره على تأهل المنتخب الوطني سيدات إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم النسوية المقررة في شهر نوفمبر المقبل بجنوب إفريقيا، وهي المكاسب والإنجازات التي تتحدث عن نفسها وتجعلنا مطمئنين لمستقبل كرتنا. نندد بصرامة ودون تحفظ بالممارسات اللامسؤولة لبعض الأطراف الخفية التي تحاول تحطيم مساعي الفاف والقضاء على السياسية المنتهجة من طرف الاتحادية والسلطات العمومية في مجال تطوير وتنمية الرياضة عموما وكرة القدم على وجه الخصوص. نتأسف ونندد بالتصريحات غير اللائقة والتي لا أساس لها من الصحة التي أدلى بها المسمى حناشي تجاه السيد رئيس الفاف والمكتب الفيدرالي، كونه نصب نفسه مدافعا يائسا عن قضية يجهل كلية جذورها وخلفياتها وأغراضها وهذا من أجل خدمة مصالحة الشخصية والخاصة. نبدي مرة أخرى دعمنا وتضامننا المطلق والتام والمتواصل إلى رئيس الفاف، العضو البارز جدا لدى الهيئات الكروية القارية والدولية والإقليمية وندعم أيضا المكتب الفيدرالي. لهذا فإننا نطلب من المكتب الفيدرالي أخذ كل الإجراءات التي تتناسب وحجم وخطورة التصريحات العلنية للمسمى حناشي والتطبيق الصارم للقوانين العامة للفاف. نستغل هذه الفرصة لنتقدم بجزيل الشكر إلى فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لمساندته كل الخطوات الرامية إلى تنشيط وتطوير وترقية الممارسة الرياضية وخاصة رياضة كرة القدم. ونشكر أيضا معالي وزير الشباب والرياضة على المساعدة والنصائح التي ما فتئ يقدمها وكذا على تضحياته وتواجد الدائم في الخدمة لتلبية طلباتنا.