اختتم مسرح عز الدين مجوبي بعنابة، أول أمس، فعاليات تذكارية الأديب الراحل الطاهر وطار، وسط حضور متواضع لمختلف الأقلام الأدبية والفكرية من داخل الجزائر وخارجها، حيث غابت العديد من الوجوه الأدبية عن تنشيط التظاهرة التي لم تمكن من متابعة شريط مصور يعرض الأيام الأخيرة للراحل، نتيجة عطب تقني حرم العديد من الوافدين على مسرح عز الدين مجوبي وأثر بشكل سلبي غياب العديد من الأسماء الأدبية والثقافية على تنظيم التذكارية، التي وقفت عند سرد تاريخ الرجل الأدبي والإنساني اللذين يلتقيان عند نقطة ارتباطه الوثيق بأرضه وامتزاجه بالأحداث التي هزت الجزائر.. فالمتصفح لروايات الطاهر وطار سيعرف تاريخها خلال 40 سنة. كما كانت هناك التفاتة لعرض التجربة الوطارية ابتداء من التأسيس وصولا إلى الترسيخ، مع الوقوف على آخر أعماله المتمثلة في رواية ”قصيد في التذلل” التي تفضح محاباة وتذلل بعض المثقفين لدى أصحاب القرار السياسي للظفر بإكرامية ما. كما تخلل التذكارية عرض قصائد شعرية رثت فقيدالفكر الأدبي الجزائري الذي تُدرس تجربته وموهبته الأدبية في أكبر الجامعات الأروبية. تجدر الإشارة إلى أنه كان من المفروض أن تحضر أكثر من 50 شخصية أدبية لإثراء اللقاء بمزيد من المعلومات والنقاشات التي ترتكز على عرض مراحل حياة الراحل، أدبية كانت أو شخصية، غير أن أحد المثقفين أثار ضجة كبيرة من خلال استغلال التظاهرة لتوجيه طلب شخصي لوالي الولاية الذي حضر فعاليات الإفتتاح، ما خلّف استياء عميقا لدى الحضور الذي، رغم ذلك، استمتع بلقاء الأفكار وإبداعات الأقلام الأدبية الشابة التي تعسر عليها الحديث عن هرم الفكر والأدب الراحل الطاهر وطار. دعا المشاركون، في ختام هذا الملتقى، إلى الإهتمام بأعمال الطاهر وطار وترسيمها. وهيبة.ع .. وكتاب جزائريون وعرب يشيدون بأعماله في ندوة أدبية بأبو ظبي نظم نادي القصة في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، نهاية الأسبوع الفارط، ندوة حول الروائي الجزائري الراحل الطاهر وطار، بمشاركة كل من الأديب الجزائري حسين طلبة، والإعلامي الجزائري خالد عمر بن ققة، والناقد الدكتور العراقي صالح هويدي، بمناسبة مرور أربعين يوما على وفاته. وتناول الأديب حسين طلبة، في حديثه، جوانب من شخصية الأديب الراحل. وذكر أنه بالرغم من المتاعب الصحية التي عانى منها في آخر أيامه فقد ظل مهموما بروايته ”قصيد في التذلل”، وكان يخاف أن يموت قبل أن يكملها وكثيرا ما خالف تعليمات الأطباء من أجل إنجازها، كما كان قلقا على مصير ”الجاحظية” المنتدى الثقافي الذي أسسه قبل عشرين عاما، والذي كان تحمل مسؤولية إدارته بمفرده، واستطاع بجهوده الذاتية أن يجعل منه قلعة ثقافية لمواجهة كل القوى المعادية لفكر العروبة في الجزائر. وتحدث طلبة عن نشأة وطار ودراسته وظروف انتسابه إلى الثورة الجزائرية، والمعارك التي خاضها بعد الإستقلال مع المتفرنسين للدفاع عن اللغة الوطنية.. مؤكدا أن الصحافة لم تنصف وطار حتى بعد وفاته.. ووجه الدعوة إلى المشارقة للتقرب من الأدب المغاربي ودراسته وإيلائه ما يستحق من عناية. من جانبه، حذر الإعلامي الجزائري خالد عمر بن ققة من خطورة ما أثير عن أمازيغية الطاهر وطار، مشيرا إلى أن هذا الطرح كان بغرض تشويه ما قدمه الرجل، وقال في هذا الصدد: ”إن الطاهر وطار لم يتحول إلى مثقف بيروقراطي أو نفعي رغم المناصب التي تسلمها، بل ظل محافظا على انتمائه للفئة الثقافية، ولم يكن في وقت من الأوقات جزءا من النظام، كما أن آراءه لم تكن تنطلق من معارضة سياسية بل من إيمان بالفكر الحر، فهو يعد نفسه فوق السياسة.. مشيرا إلى أن أنه نموذج يستحق أن يقتدى به”. من جهته، تناول الدكتور صالح هويدي التأثير العميق الذي تركته تجربة الطاهر وطار في مسيرة الرواية العربية.. منوها أن الراحل كان روائيا ومثقفا مثيرا للجدل، سواء على مستوى النشاط الثقافي أم الإنخراط الإيديولوجي، أم على مستوى الكتابة الإبداعية. وقال هويدي إن الطاهر وطار استطاع أن يؤصل لفن الرواية في الجزائر بمعناها الخارج عن النمط التقليدي، رغم أنه لم يذهب بعيدا في التجريب والحداثة.. بينما قدم أعمالا تفلت فيها من أجواء الرواية التقليدية. وأشار إلى روايتيه ”تجربة في العشق” و”الحوات والقصر” اللتين حاول فيهما أن يقترب من التراث وأن يستلهمه.. بينما دخل في أعماله الأخيرة إلى منطقة الرؤيا والصوفية وقارب العوالم السريالية والوجودية، واستخدم الترميز في روايات أخرى مثل ”عرس بغل”. وقال هويدي: ”إن الطاهر وطار لم يكن روائيا فقط بل مثقفا وعلامة جامعة للمثقفين، كما أنه قدم مفهوما بعيدا عن التخندق والإطار القومي المنغلق”.