جاء إعلان وزير البيئة وتهيئة الإقليم، شريف رحماني، نهاية الأسبوع الماضي، بسحب إعلانات المناقصة الخاصة بإنجاز مشاريع المدينةالجديدة “سيدي عبد الله، بوغزول وبوينان” من المجمع الجنوب - كوري”KLC”، ليؤكد بعد سنوات من الإنتظار أن مشاريع الأحلام التي صورتها الحكومة أنها الحل المثالي لمشاكل التمركز السكاني وتركيز الأنشطة الاقتصادية في الشريط الساحلي، لن تعرف طريقها للتجسيد في القريب العاجل شبان البلدية يحتجون من أجل مناصب شغل بغلق الطريق وإن رجحت بعض مصادرنا هذا القرار إلى طبيعة الدراسة المقدمة إلى الوزارة الوصية، والتي يبدو أنها لم تتلاءم مع طبيعة المناطق التي شملتها.. فببوينان بولاية البليدة، مثلا، كانت آخر دراسة أنجزت من قبل ذات المجمع، منذ قرابة نصف سنة، تنم عن القضاء الشبه التام على ما يعرف بقلب المنطقة المتيجية من أراض فلاحية خصبة. “الفجر” اقتربت من رئيس بلدية بوينان، موسى زهرة، لمعرفة صدى هذا الخبر، حيث قال ذات المسؤول، إنه لم يتم إعلام السلطات المحلية بأي شيء رسمي، مؤكدا أن الأمور مازالت سائرة في ذات المنهج في انتظار ما ستسفر عنه نتائج الاجتماع الذي سيعقد بين مختلف الجهات المعنية بإنشاء المدينةالجديدة في الثالث من شهر نوفمبر المقبل بولاية البليدة، لإبداء ملاحظات حول مخطط دراسة هذا المشروع الذي كان المجمع الكوري قد قام بانجازه في وقت سابق. خيراتها صُدرت لأوروبا وسكانها يطالبون بسوق جوارية وبعيدا عن تضارب التصريحات يبقى قاطنو هذه الجهة من ولاية البليدة في حالة ترقب لأي قرار رسمي شجاع، من شأنه أن يخرجهم من نفق الإنتظار الذي جمد الحياة في بوينان. هذه الأخيرة التي صنفت في الثمانينيات على أنها البلدية الأنظف على المستوى الوطني، وهي ذاتها البلدية التي كانت تعد ممولا للسوق الأوربية عن طريق بوابة المستعمر الفرنسي لتصدير أجود أنواع الخضر والفواكه، غير أن مرور السنوات لم يشفع لها لتحتفظ ببريقها الذي داسته الإحتجاجات المتواصلة لقاطنيها شبابا و كهولا في صائفة 2010، حيث خرجوا للشارع عدة مرات تنديدا بالأوضاع الإجتماعية الصعبة التي يكابدونها في ظل توقف عجلة التنمية عند عتبات البلدية، بحجة تحويلها إلى مدينة جديدة تكون متنفسا لعاصمة الوطن التي اختنقت بفعل تمركز 50 بالمائة من النشاط الإقتصادي بها، وعدد سكانها الذي قارب ال 10 بالمائة من إجمالي عدد سكان الجزائر، ناهيك عن عدد قاصديها يوميا، فكان المرسوم التنفيذي المؤرخ في 8 أوت 2008، والمتضمن التصريح بالمنفعة العمومية في انجاز المدن الجديدة، وقبله في الفاتح من أفريل 2004 المرسوم التنفيذي لإنشاء تلك المدن، لتكون بموجب ذلك بوينان العاصمة الرياضية للجزائر، خاصة أنها لا تبعد عن عاصمة الولاية إلا بنحو 14 كلم وعن عاصمة الوطن ب 50 كيلومترا. مدينة رياضية بمواصفات عالمية والفريق المحلي لكرة القدم يبحث عن ممول مدينة رياضية من الطراز العالمي.. تلك هي الصفة التي ستأخذها بوينان في آفاق 2025.. في الوقت الذي يجد أبناء البلدية المنضوين تحت لواء فريق اتحاد بوينان صعوبة في الإستمرار، إذ تكاد إدارته تتسول أي مساعدة مالية من شأنها أن تساعد الفريق على المضي قدما للخروج من قاع القسم الولائي، حيث سينشط في بطولة ولاية البليدة إلى جانب أندية تأسست حديثا بالرغم من أن عمره يعود إلى نصف قرن، وبالرغم من لعبه في أدوار هامة في القسم الجهوي الأول سابقا، قبل أن تضيع منه ورقة الصعود إلى بطولة ما بين الجهات في عدة مناسبات. وإن كان هذا حال الرياضة في بوينان، فإن حال الأسواق بها ليس أحسن.. فالمدينةالجديدة حرمت السكان من الإستفادة من الوعاء العقاري الذي تحوزه البلدية من أجل إنشاء سوق جوارية، وتكتفي بمحاولات، حسبما صرح لنا به رئيس البلدية، ببذل المزيد من الجهود للحصول على أرضية إحدى المرافق العامة “تعاونية الخدمات” سابقا الموجودة بمركز المدينة لتحويله إلى سوق بلدية. وحسب تصريحات ذات المسؤول، فان رئيس الدائرة والوالي المنصبين حديثا، يكونان قد اطلعا على ملف هذا الطلب، وتبقى المصالح المحلية في انتظار الرد الرسمي لإيجاد حل لهذا الإشكال، الذي كان وراء إقدام شبان المنطقة على قطع الطريق الوطني رقم 29 الرابط بين البليدة ومفتاح شهر جويلية الفارط، احتجاجا منهم على منعهم من مزاولة التجارة الموازية طيلة 4 أشهر دون إيجاد حل بديل يكفيهم شر الحاجة في بلدية لم تتمكن من استيعاب قدرات 35 ألف نسمة، يعيشون على وطأة تجميد مظاهر الحياة منذ سنة 2003، تاريخ إصدار مرسوم تجميد رخص البناء والتجزئة، تبعه قرار مشابه يخص عمليّات بيع الأراضي التابعة للخواص سنة 2009. تجميد رخص بناء المواطنين عاد ببوينان سنوات إلى الوراء تسبب قرار تجميد رخص البناء ببوينان في تراجع المستوى المعيشي للمواطنين بشكل كبير، حيث وجدوا أنفسهم محاصرين بقرارات لم تتقدم بهم خطوة واحدة إلى الأمام، بل جعلت بلديتهم بمظهر المنطقة التي تجاوزها الزمن، حيث توقفت المشاريع التنمويّة المندرجة ضمن المخطّط العمراني للبلدية، بعدما غضت الجهات الرسمية الطرف عن إعطاء إشارة انطلاق برامج التهيئة ومخطّطات التنمية التي يبقى السكان بحاجة ماسة لها. وفي السياق ذاته أوضح رئيس بلدية بوينان أن مشروع المدينةالجديدة انطلق دون دراسة جادة للطبيعة السوسيولوجية للسكان ومدى تقبلهم لفكرة إقامة مشروع مماثل بمنطقتهم المتميزة بطابعها الفلاحي، وهو ما يمثل نشاط 80 بالمائة من مجموع السكان، فاحتياجاتهم تبقى بعيدة عن مضمون هذا المشروع، ليضم صوته إلى أصوات المواطنين مطالبا برفع التجميد عن الوعاء العقاري التابع للبلدية، بما فيه الوعاء العقاري التابع لمنطقة الحساينية التي يمكن بها إنجاز ما يفوق 1000 وحدة سكنية، وهو ما سيسمح بإنجاز مشاريع سكنية من شأنها تلبية جزء من مطالب السكان التي تراكمت منذ قرار منع منح رخص البناء في 2003، حيث وصل عدد الملفات إلى أكثر من 4000 طلب، مضيفا في سياق ذي صلة أن عدد ملفات طلب السكن مازال يعرف ارتفاعا دوريا، في الوقت الذي أبدى فيه مسؤولي ديوان الترقية والتسيير العقاري في أحد اجتماعاتهم مع السلطات المحلية، استعدادهم لتسجيل حصة سكنية لفائدة مواطني بوينان في حال تم إيجاد حل لإشكال العقار، فالمخطط العمراني مثلا بالحساينية سبق أن تمت المصادقة عليه، وكان من المفروض على مديرية المدينةالجديدة أن تأخذ بعين الإعتبار هذا المخطط مع كل ما يحتويه من مشاريع سكنية أواجتماعية أو تربوية أو رياضية. وفي انتظار أن تجد نداءات رئيس البلدية آذانا صاغية من أجل إعادة فتح المجال أمام المواطنين لبناء سكناتهم، تجدر الإشارة إلى أن هذه الأخيرة لم تستفد من أي حصص للسكن الريفي في الوقت الذي يقيم فيه 80 بالمائة من سكان بوينان في الموقع الذي اختير للمدينة الجديدة، ما يعني أن هذه الصيغة للسكن لا يمكن أن تكون في محيط المدينةالجديدة، حيث يبقى الإشكال المطروح في عدم حصول المواطنين على شهادة الملكية. التنمية المحلية مؤجلة إلى إشعار آخر وإن كان رئيس البلدية، في سياق حديثه عن التنمية المحلية بالبلدية التي يشرف عليها، أكد أن برنامجه الانتخابي كان مركزا على إنجاز المشاريع المتعلقة بشبكة الطرق وتوسيعها باعتبارها شريان الإقتصاد وبدونها لا يمكن تحقيق التنمية، إلا أن واقع الحال يبين العكس في عدد من المناطق - حسبما صرح لنا به السكان - كطريق الحساينية باتجاه الصفصاف وحمام ملوان الذي يمثل شكلا من أشكال معاناة مستعمليه، حيث أن هناك محاور أخرى لم تعبد منذ 20 سنة، نذكر منها طريق تافرنت، الشريعة وتابينت، التي تبقى حسب رئيس البلدية عينة من جملة المشاريع المقترحة للتسجيل والتمويل على عاتق الميزانية الولائية، حيث تعجز البلدية على إنجازها نظرا لضعف مداخيلها، حيث من شأن هذه الشبكة أن تخفض من أزمة الإكتظاظ التي يعانيها الطريق الوطني رقم 29. من جانب آخر، تسعى المصالح المحلية لإعادة بعث مشروع منطقة النشاطات الذي يعود إلى سنوات الثمانينيات، حيث كان يهدف إلى خلق 1000 منصب شغل لفائدة أبناء البلدية، قبل أن يهجره المستثمرون الذين تحصلوا حينها على عقود ملكية عدة قطع أرضية، استفاد منها مستثمرون جدد في الفترة القليلة الماضية، وهو ما خلق نزاعا بين الطرفين، ما عطل بعث المشروع مجددا، لتفكر البلدية بالتنسيق مع مصالح مديرية أملاك الدولة ومديرية الصناعة في منح عقود الملكية للمستثمرين الحقيقيين الذي يملكون الإمكانات اللازمة للإستثمار، مع تعويض أصحاب الأراضي الذين دفعوا ثمنها في السنوات الماضية دون استغلالها بسبب همجية الإرهاب الأعمى الذي كان وراء هجرة الأغلبية من المنطقة. تجدر الإشارة إلى أن مشكل البطالة كان وراء خروج شبان البلدية منذ فترة إلى الشارع وقطع الطريق الوطني 29، بعد رفض مستثمر تركي تشغيلهم بمصنع مواد التنظيف الموجود على تراب البلدية، وهو ما يشير إلى حدة المشاكل التي يتخبط فيها هؤلاء، وهم ذاتهم من ينظرون بعين الإرتياب إلى مشروع المدينةالجديدة التي حرمتهم من نصيبهم من المحلات المهنية التي أقرها رئيس الجمهورية، فيما قال لنا عدد منهم إن هذا المشروع الكبير الذي من المقرر إنهائه في آفاق 2025، لم يظهر منه لحد الساعة أي لبنة. كما تفاجأنا بردود أفعال غاضبة لبعض من سألناهم عن رأيهم في اختيار بوينان لإقامة مشروع بهذا الحجم، بقولهم إنهم لا يتمنون أبدا رؤية المشروع مكتملا بحجة أن طبيعة المدينة لا تتلاءم مع مجتمع مازال محافظا، مضيفين أن أنباء كثيرة يتم تداولها في أوساط السكان حول طبيعة بناءات ومرافق المدينة “الترفيهية” التي ستكون على حساب عاداتهم و تقاليدهم، خاصة أنها ستكون قطبا لجلب الأجانب إليها. للتذكير فإن المدينةالجديدة ببوينان باتت مبرمجة لتتربع على مساحة تزيد عن 2000 هكتار، أغلبيتها تمتد إلى قلب الأراضي الفلاحية، في الوقت الذي كانت مبرمجة للإمتداد في أول الأمر على مساحة 250 هكتار موجهة نحو سفح المناطق الجبلية بها، لتضم بذلك مُركبا رياضي أولمبي من الطراز العالمي، وملعب غولف من 18 حفرة، وفنادق من ثلاث وأربع نجوم مخصصة بالدرجة الأولى للرياضيين والوفود الرياضية التي تأتي للمشاركة في مختلف المنافسات الرياضية الوطنية والإقليمية التي يمكن أن تحتضنها الجزائر، بالإضافة إلى مركز تجاري ضخم وحديقة تسلية، وشقق سكنية ومدارس ومسجد، وملحقات إدارية، على أن تصل تكلفة المشروع إلى 3 ملايير دولار، وأن يمتد المشروع على مساحة لا تقل عن 2،8 كلم 2. وفي انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة بخصوص مستقبل بوينان، يبقى على قاطنيها التأقلم مع الواقع المفروض عليهم، والذي خيم عليه سبات عميق بشأن برامج التنمية المحلية، والحلول التي من شأنها أن تنسيهم كل ما تعلق بمشاكل مياه الشرب وتعبيد الطرقات وحفر العفن التقليدية بدلا من قنوات الصرف الصحي، وغيرها من المشاريع التي تبقى معلقة إلى إشعار آخر