"بوزيد إغيل.. النصراني العائد إلى الإسلام" هكذا عنونت الزميلة "الخبر" مقالا في صفحتها الأخيرة حول شخص اعتنق المسيحية، ثم عاد إلى الإسلام وحجته أنه كان ضحية المدرسة التي لم تعلمه العقيدة الإسلامية الصحيحة! إذا اتبعنا منطق هذا المسيحي المسلم، فإننا سنكون لقمة صائغة للتبشيريين، وسنصبح بعد سنوات قليلة كلنا مسيحيين، لأن مناهج التربية الدينية تقصي المسلم من الإسلام وترميه بين أحضان المسيحية، أو ربما ديانات أخرى. صحيح أن مناهج التربية الإسلامية فيها ما يعاب، لكن أي مناهج تربوية علمت آباءنا الإسلام الصحيح أيام الاستعمار، مع أن آباءنا لم يأخذوا من الإسلام سوى جانبه الإنساني، ورغم محاولات الاستعمار طمس الهوية وتنصير البلاد كلها ضمن مخطط استعماري جند الرجال والمال وكل الوسائل، لم ينجح "لافيجري" في اقتلاع الإيمان من قلوبهم، ولم يشوه صورة الإسلام الذي يدعو إلى العدالة وحب الآخر والتآزر وغيرها من القيم السامية. صحيح أن مقررات التربية الإسلامية في المدرسة الجزائرية فيها ما ينفر التلميذ من هذا الدين الذي تصوره أنه دين عذاب وعسر، فكيف للتلميذ أن يكون سويا نفسيا وهو يقرأ دروسا عن غسل الميت وعذاب القبر؟! لكن هذا لا يعني أن المسيحية هي أكثر إنسانية، لأنها لو كانت كذلك، لما فعل الاستعمار الذي كان يستند في فلسفته إلى هذه العقيدة، ما فعل مناكر في الشعب الجزائري، وما ألحقه به من جرائم. لو قال هذا النصراني "المرتد" على النصرانية، أن ما عاشته الجزائر من ويلات باسم الإسلام، وما شاهدناه من مجازر وبقر للبطون وقتل للأطفال والنساء وحرق للبلاد باسم الإسلام لقلت أنه كان على حق، وأن ما يقوم به دعاة الإسلام الجدد باسم الإسلام من فجائع في بلادنا وفي بلدان أخرى، لقلنا أنه على حق. فقد وجد الكثير منا ربما نفسه يتساءل أمام هذه المجازر وحجم فظاعتها إن كان هذا هو الإسلام حقا، فالكفر أفضل، لكن بعد هدوء النفس ومرور الوجع، نعرف أن هؤلاء المجرمين ليس لهم علاقة بالإسلام الذي رضعناه في صدور أمهاتنا وتوارثناه جيلا عن جيل، إسلام بسيط، ينهى عن المنكر ويدعو إلى الخير ويقنن حياة المجتمع يسمي الظلم ظلما والعدل عدلا، ويدعو إلى فعل الخير والحب بين الناس. المصيبة أن شبابنا يقع عرضة لكل التيارات من السلفية إلى التبشير للمسيحية وتشكيك في الهوية وفي قيم الثورة، وكل من هب ودب يلعب بعقول الجزائريين ويشككهم في حقيقتهم، ويفعل بعقولهم ما يشاء، قنابل موقوتة..