أجمع رؤساء المجموعات البرلمانية السبعة بالمجلس الشعبي الوطني، مساء أول أمس، على ضرورة الإسراع في محاربة مظاهر التبذير والفساد والرشوة والمحسوبية، وسجلت ملاحظاتهم بخصوص مشروع قانون المالية لسنة 2011، أهمية التخصيصات الاجتماعية، وبينما تم الترحيب بتقديم قانون ضبط الميزانية باعتباره آلية لمراقبة تنفيذ قانون المالية والميزانية، حذروا من توسع الصناديق الخاصة وصعوبة مراقبتها، وذلك تزامنا مع إيداع واحد وثلاثين تعديلا لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني، والذي أحالها على لجنة المالية والميزانية لمواصلة دراستها. رئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني، العياشي دعدوعة، خلال جلسة ترأسها عبد العزيز زياري، رئيس المجلس، بحضور أعضاء من الحكومة بمستوى التحويلات الاجتماعية التي يقترحها مشروع القانون، خاصة في مجالات “دعم الماء والكهرباء والسكن”، وهو ما رصد له ما يقارب 13 بالمائة من الناتج الوطني الخام بالرغم من تداعيات الأزمة العالمية. وأكد ممثل الأغلبية في البرلمان أن هذا النص الذي يندرج في إطار تطبيق المخطط الخماسي للاستثمار العمومي (2010-2014) من شأنه “تنشيط الاستثمار وتفعيل الإنتاج الوطني وتجفيف منابع البطالة وإزالة الأكواخ وبيوت الصفائح”، معربا في الوقت نفسه عن أمله في ألا ترهن “البيروقراطية المشتعلة” نجاح هذا المخطط. كما دعا الى تطوير المداخيل خارج المحروقات و”تفعيل آليات الرقابة لحماية المال العام من الفساد والرشوة والتسيب والإهمال”، مستنكرا “الانحراف” الذي انتهجه أحد البنوك الأجنبية المعتمدة بالجزائر “سوسيتي جنرال”، والذي وصفه ب”غير المهني وغير الأخلاقي بسبب انحرافه عن طبيعته التجارية أدى الى تشويه صورة الجزائر”. وأعرب رئيس مجموعة التجمع الوطني الديمقراطي، ميلود شرفي، عن ارتياحه لمستوى “النفقات العمومية التي لم تسجل في السابق على الإطلاق”، واعتبر أن ميزانية التجهيز المقترحة لسنة 2011 والتي تضاعفت بعشر مرات من شأنها “تحسين إطار معيشة المواطنين”، مشيدا بقرار الحكومة تفضيل المؤسسات الوطنية لدى منح الصفقات العمومية. وثمن قرارات الحكومة برصد قرابة 500 مليار دج لدفع مستحقات الموظفين تبعا للنظام الجديد للعلاوات وأزيد من 100 مليار دج للتحويلات الاجتماعية من جهة، وغياب أية زيادة في الجباية على المواطنين أو على المؤسسات الاقتصادية من جهة أخرى، كما دعا الى “تعزيز محاربة الفساد والتجاوزات في تسيير الأموال العمومية”. من جهته، قال رئيس مجموعة مجتمع السلم، محمد السعيد بوبكر، إن محاربة كافة أشكال الفساد مرهونة ب “تعزيز آليات الرقابة البرلمانية لأعمال الحكومة”، معتبرا أنه “من غير المعقول أن تبقى هذه الآليات مجرد آليات بروتوكولية حيث لا يترتب على المساءلة الشفوية والكتابية حاليا أي إجراء عملي ملموس”. كما استحسن تقديم مشروع ضبط الميزانية أمام البرلمان مطالبا بتشكيل “لجنة فرعية متخصصة لمراقبة طرق صرف الميزانية كآلية مكملة للرقابة البرلمانية”. وأكد أيضا على أهمية محاربة الاحتكار والمضاربة في التجارة، مشيدا بأحكام مشروع قانون المالية في مجال مكافحة التهرب الجبائي والغش والرشوة. واقترح “فسح المجال أمام الصرافة الإسلامية” التي أثبتت نجاعتها خلال الأزمة العالمية، حسبه. أما رئيس كتلة الأحرار، عماد جعفري، فاعتبر القانون “مشروعا طموحا اقتصاديا واجتماعيا”، مقترحا عدم الإفراط في فتح حسابات الصناديق الخاصة، التي “لا يمكن التحكم فيها بسهولة”، وكذا “إرفاق الميزانيات القطاعية ببيانات تفسير كامل للنتائج المزمع الوصول إليها”. أما رئيسة كتلة حزب العمال، لويزة حنون، فأشادت برفع ميزانية التربية الوطنية خاصة، وأنه “لأول مرة منذ أكثر من عشرية احتلت وزارة التربية الصدارة قبل وزارة الدفاع الوطني”، وهو ما يعكس حسبها “عودة السلم”، لكنها أعربت عن استيائها لتوجه الحكومة نحو المستثمرين الأجانب والحكامة الرشيدة، التي تراها وسائل ل “تنصل الدولة لصالح أطراف خاصة وأجانب”. ودعت الى “استرجاع السيادة الكاملة على ميناء العاصمة والشركة الوطنية للذهب وإرجاع القانون التوجيهي لسنة 1998 الخاص بالتعليم العالي والمتعلق بمنع استخدام الخاص للوسائل العمومية”. واعتبرت نظام الرواتب والمنح “غير مجد في ظل فوضى الأسعار”، داعية الى الإسراع الى تنقية السوق جذريا من هذه الممارسات”. ولاحظ رئيس مجموعة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، عثمان معزوز، “المخالفات والتناقضات والمعطيات الخاطئة للحكومة والتي تشكل عائقا أمام تحليل دقيق للوضع”. وقال إن وزارة المالية “تخل بالتزاماتها بامتناعها عن تقديم حصيلة قوانين المالية السابقة”، مطالبا من جهة أخرى ب “أحقية المجلس معرفة حسابات شركة سوناطراك وفروعها”، باعتبارها الممول الأهم للنفقات العمومية. وذكر أن “خسارة الربح في مداخيل المحروقات قدرت ما بين 1999 و 2004 ب 4ر302 مليار دولار، منها 276 مليار دولار بالنسبة للبترول و 4ر26 مليار بالنسبة للغاز”، مضيفا أن “من حق المجلس معرفة كل ظروف نشاط سوناطراك في الداخل والخارج. وأخبرا تدخل رئيس مجموعة الجبهة الوطنية الجزائرية عبد القادر دريهم الى مسألة اللجوء الى قوانين المالية التكميلية، معتبرا أنها ترجع إلى “غياب التخطيط والتبذير الذي يؤدي الى إعادة تقييم المشاريع” معربا عن تخوف كتلته من أن “يكون التشريع بالأوامر مجرد تأخير للبث في قضايا كبرى” وأكد على أن قطاعات السكن والصحة وتوفير الشغل والأمن الغذائي تبقى التحديات الحقيقية التي ينبغي على الحكومة الإسراع في بعثها.