وجدت العديد من العائلات القاطنة بأحياء مختلفة من العاصمة نفسها مشردة بين الأهل والأقارب أو تحت رحمة الكراء غير أن هذا لم يمنعها من أن تكون كذلك ضحية كارثة طبيعية أوجدتها بين ليلة وضحاها في الشارع ومن ثمّ في أحد الهياكل الجوارية أو المرافق الترفيهية التي تحولت مؤخرا إلى مأوى لها في ظل غياب حصص سكنية جاهزة دورة مياه وحنفية ماء مشتركة ل 20 فردا وغرفة بطول 3 أمتار ل10 أفراد هو الوضع الذي تعيشه عشرات العائلات بأحياء مختلفة من العاصمة وبأوضاع تختلف، غير أن القاسم المشترك بينها هو أنها تقطن أماكن مخصصة للترفيه أو للممارسة الرياضية لا للسكن كما هو الحال اليوم بالعديد من البلديات التي وجد مسؤولها أنفسهم في حيرة من أمرهم، خاصة وأنهم عجزوا عن إيجاد الحلول السريعة لهم. بؤس، شقاء وانتشار الأمراض هو ثالوث يهدد العائلات القاطنة بالمرافق الرياضية والترفيهية بالعاصمة، وهي المعاناة التي تتقاسمها في غرف جماعية ومراحيض مشتركة تسببت في انتشار أمراض خطيرة لأفراد هذه العائلات ألزمت عليهم الخضوع إلى المعالجة الطبية ورغم هذا لم يشفع لهم عند سلطاتهم التي اكتفت -على حد قولهم- بنقل معاناتهم إلى السلطات العليا غير أنهم لم يشهدوا أي تغيير لحد الآن. 23 عائلة بخرايسية تعيش في قاعة مشتركة بدار الشباب وضع مأساوي وقفنا عليه بخرايسية، عجزنا عن نقله نظرا للحالة المزرية التي تعيشها العائلات في غرف مشتركة ومراحيض جماعية، حيث أكدت لنا العائلات أن الإقامة في دار الشباب لا يختلف عن العيش في بنايات هشة على حافة الواد. هي كلمات رددها جل القاطنين بالمركز الذين تهافتوا علينا فور وصولنا إلى المكان لننقل معاناتهم إلى الجهات المعنية. وقالت العائلات بنبرات حزينة إن المكان لا يصلح لعيش الحيوان نظرا لقدمه واهتراء غرفه، فرغم شساعتة إلا أنه يتكون من غرفتين، واحدة مخصصة للنساء والأطفال والأخرى مخصصة للرجال. أما عن المراحيض فحدث ولا حرج، لأن المرحاض الوحيد الموجود بالدار تتقاسمه كل العائلات، الأمر الذي ينتج عنه مناوشات يومية عادة ما تنتهي بشجارات عنيفة بينهم، ورغم هذا لم يتم ترحيلهم إلى سكنات لائقة التي وعدوا بها بعد فيضان الواد عليهم والذي أتى على منازلهم وأثاثهم، ما دفع سلطات بلدية الخرايسية إلى التعجيل بترحيلهم إلى دار الشباب كحل مؤقت في انتظار إيجاد الحل لمشكلتهم. غير أنه ورغم مرور شهرين على مكوثهم فيها، إلا أنهم لم يشهدوا أي تجسيد لحد الآن. 7 عائلات تتقاسم غرفة مشتركة بقاعة المصارعة الرومانية ببوروبة الزيارة الميدانية التي قادتنا إلى بلدية بوروبة جعلتنا نقف على وجه آخر من المعاناة بالمقرات الرياضية، حيث تقطن 5 عائلات وجهت بشأنها سلطات بلدية بوروبة العديد من المراسلات إلى السلطات العليا للتعجيل باتخاذ الحلول، إلا أنه لا جديد يذكر، فبالرغم من الأوضاع المزرية التي تعيشها في مكان غير صالح للإيواء، بسبب أزمة السكن التي تعرفها المنطقة وكذا غلاء تكاليف الكراء التي عجز أفراد هذه العائلات عن تسديدها في العديد من المرات، وهو ما دفعهم إلى اقتحام هذه المقرات التي كانت هياكل دون روح بل تحولت في العديد من المرات إلى وكر للممارسات المحظورة ونقطة انطلاق العديد من العمليات المشبوهة، إلى أن جاءت العائلات وأعادت بعث الحياة فيها، من خلال تقسيم الغرف فيما بينها، غير أنها بقيت تفتقر للعديد من الضروريات بما فيها دورة المياه التي تشترك فيها جل العائلات وحنفية الماء الصالح للشرب المتواجدة بالساحة والتي عجزت عن تلبية طلبات جميع العائلات، هذا دون الحديث عن ضيق الغرف التي لا تتعدى 3 أمتار وتأوي أزيد من 10 أفراد. وهو الواقع المر الذي وقفنا عليه بالقاعات الرياضية المتواجدة ببلدية بوروبة والتي تحولت خدماتها من قاعة للرياضة والترفيه إلى مأوى للعائلات. قاعة الجمعية الرياضية تتحول إلى مأوى لعائلتين منذ أزيد من 7 سنوات ليس بالبعيد عن الواقع الذي عشناه بقاعة المصارعة الرومانية، انتقلنا إلى قاعة الجمعية الرياضية، حيث وجدنا عائلتين تحتميان تحت أسقفها منذ أزيد من سبع سنوات، عاشتا فيها الأمرّين جراء عدم صلاحية المكان للإيواء، خاصة عندما نتكلم عن قاعة كل ركن فيها أصبح في وضع حرج يستحق التفاتة مسؤوليه، ناهيك عن التساقط اليومي لجدرانها وضيق القاعة التي قسمت في ظل الحاجة إلى غرفتين لا تتعدى مساحتها 3 أمتار. غير أنه وفي ظل الحاجة، قسمت هذه الأخيرة إلى غرفتين ومطبخين، لكنها لم تحل مشكل السكن الذي تعاني منه العائلتان، خاصة وأن المكان يفتقر لكل ما هو ضروري، ما صعب عليهما العيش فيها، ناهيك عن الأمراض والأوبئة التي باتت تهددهما جراء تدهور الوضع البيئي الناتج عن المرحاض الجماعي المشيد بطريقة عشوائية وهو الأمر الذي دقت بشأنه العائلتان ناقوس الخطر. وأضافت إحدى السيدات لدى الزيارة الميدانية التي قادت “الفجر” إلى عين المكان، انعدام الأمن بالمكان الذي كان ولا زال يشكل خطرا على سلامتهم باعتباره يقع بمحاذاة حي فوضوي، ناهيك عن كونه كان وكرا لمختلف الممارسات ما جعله مطمع المنحرفين الراغبين في إعادة بعث نشاطهم، وهو ما دفعهم في العديد من المرات إلى مضايقة أفراد هاتين العائلتين والتسبب في مشاجرات معهم من أجل ترك المكان وتهديدهم باستعمال السلاح الأبيض. المسبح البلدي لبلوزداد وجهة العائلات المنكوبة منذ 2004 يعتبر الحي الفوضوي المتواجد على حافة المسبح البلدي لبلدية بلوزداد من الأحياء الفوضوية حديثة النشأة، التي انتشرت وبصورة ملفتة للانتباه في السنوات الأخيرة وبالضبط بعد كارثة 2003، عندما انهارت أغلب سكنات المنطقة، ما أجبر العديد من أصحاب تلك السكنات إلى الاحتماء بمساحة المسبح في انتظار إيجاد حل لها. غير أن السنوات مرت تباعا ولا زالت العائلات تشغل مساحة معتبرة منه، الأمر الذي أثار جدلا، خاصة وأنه مشروع أعرب سكان المنطقة حاجتهم إليه ناهيك عن الخلافات القائمة بشأنه بسبب تجمده رغم تخصيص ميزانية معتبرة لإعادة بعثه وتوفير كل الإمكانيات الضرورية لإعادة فتحه، لكن تواجد العائلات بالمكان حال دون إعادة بعثه. موازاة مع ذلك، فإن العائلات القاطنة بمحاذاته تعيش في ظروف مزرية، أقل ما يقال عنها إنها كارثية، في بيوت فوضوية وبين أكوام الفضلات والأوساخ والروائح الكريهة الناتجة عن تصريف المياه القذرة بطريقة عشوائية وصلت حد المسبح، وهو الوضع الذي يعطي انطباعا آخر عن عجز المسؤولين عن حل مشكل العائلات القاطنة بالمسبح خاصة وبالمرافق الترفيهية والرياضية عامة. فالمجلس البلدي الحالي ظل لفترة طويلة يعيش على وقع صراعات داخلية بسبب عدم احتواء الوضع رغم الخطورة الناجمة عن احتمال تفاقمه، لا سيما وأنه مكان يحظى باهتمام سكان المنطقة خاصة وأنهم طالبوا وفي العديد من المرات بضرورة إيجاد الحلول لهم. وما زاد من حسرة العائلات هو عدم حصولهم على أي وعد بالترحيل بالرغم من الأوضاع التي يعيشونها والتي لا تختلف -على حد قولهم- عن العائلات التي رحلت في إطار برنامج إعادة الإسكان. المسؤولون بين مطرقة شكاوى العائلات وسندان تأخر إيجاد الحلول احتار بعض المسؤولين المحليين الذين توجد على مستوى إقليم بلديتهم عائلات تشغل مرافق رياضية وترفيهة، ولم يتوصلوا إلى حل ينقذهم من مخلفات ذلك الوضع. ويقول رئيس بلدية خرايسية إن وضع 23 عائلة التي تشغل دار الشباب منذ حوالي شهرين طرح على المجلس الشعبي الولائي، إلا أنهم لم يتلقوا أي رد لحد الآن. ومن جهته، كشف نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية بوروبة عدم درايته بالإطار القانوني لقاعة رياضة المصارعة الرومانية وكذلك الطريقة التي استحوذت بها العائلات على ذات المقر. وبعد اتخاذ كافة الإجراءات -يقول- تم ضم عدد العائلات المتواجدة بمقر الجمعية الرياضية، ليبلغ بذلك العدد الحقيقي للعائلات المتواجدة بالقاعات الرياضية بإقليم البلدية 07 عائلات، من بينها عائلتان تسكنان في مقر الجمعية الرياضية المحاذية للمدرسة الابتدائية لابن سينا، و5 أخرى تشغل قاعة رياضة المصارعة الرومانية الواقعة بحي ديصولي، ومنذ 10 سنوات كانت محاولات إدراجهم ضمن الحصص السكنية للبلدية، إلا أنها باءت بالفشل أمام أزمة السكن التي تعيشها المنطقة والتي ألزمت عليهم توزيع السكنات بالأولوية، غير أنه سيتم إدراجهم ضمن برنامج إعادة الإسكان. أما عن العائلات القاطنة بجوار المسبح البلدي، قال رئيس المجلس الشعبي البلدي إنها حالة تستدعي تدخل المصالح الولائية لترحيل هذه العائلات إلى سكنات لائقة والحد من الوضع المزري الذي تعيشه منذ سنوات طويلة وتمكين مواطن بلدية بلوزداد من الاستفادة من هذا المرفق، خصوصا بعد عمليات الترميم المنجزة، حيث تم إنجاز 441 غرفة تبديل للملابس، وتهيئة المسبح بالكامل، وقد وصلت نسبة الأشغال إلى 90 بالمئة، وهم الآن في انتظار ترحيل العائلات للاستفادة من مساحته. من جهته، أكد مدير السكن، محمد اسماعيل، برمجة 35 ألف حصة سكنية تكون موجهة لفائدة سكان العاصمة، من بينهم سكان المرافق الرياضية والترفيهية الذين سيستفيدون من سكن لائق. أما عن وضعيتهم فقال في تصريح خص به “الفجر” إن ملف العائلات القاطنة بالمرافق الرياضية والترفيهية عرض بالتفصيل على طاولة نقاش المجلس الشعبي الولائي خلال أشغال الدورة العادية المنعقدة خلال شهر نوفمبر الماضي، حيث سيتم إيجاد الحلول عن طريق المحاور التي سطرتها الولاية للتكفل بسكان العاصمة القاطنين في البنايات الهشة، القصديرية والهياكل الرياضية والترفيهية، وسيتم أيضا وضع حد لأزمة السكن التي تعانيها العاصمة مع مطلع السنة المقبلة، وهو الأمر الذي يعطي -حسبه- مؤشرا إيجابيا حول التطور الذي يعرفه قطاع السكن.