رغم الفشل الذريع للعملية العسكرية الفرنسية الأخيرة للمرة الثانية، فإن الطبقة السياسية في فرنسا “تتفادى” الحديث عن هذا الفشل “حفاظا على الوحدة الوطنية”، وحسب تصريحات النائب الاشتراكي، فرونسوا لونكل، التي أدلى بها عقب لقاء للوزير الأول مع عدد من النواب لشرح خلفيات مقتل الرهينتين الفرنسيتين والتدخل العسكري الفاشل للقوات الفرنسية الاتحاد الأوروبي يحضر إستراتيجية للقضاء على تهديد الإرهاب في المنطقة نهاية الأسبوع المنصرم، فإن النواب الفرنسيين تفادوا التهجم على السلطة، لأن “أي انتقاد سيكون في غير محله، رغم أن الفشل ذريع ومؤسف”. كما شكل تأكيد فرانسوا فيون على أن “باريس لم تغير إستراتيجيتها “ وتدرس قرارات التدخل العسكري في حال اختطاف رعاياها حسب الحالة “حقنة تهدئة” للسياسيين، الذين طرحوا الكثير من الأسئلة في قضية الرهينتين، في ظل شح المعلومات وتضارب الأنباء حول حقيقة مقتل الرهينتين خلال الاشتباك أو قبله، وتفادوا الجدل في حضور الوزير الأول، حسبما نقلته مصادر إعلامية فرنسية أمس. الرئيس الفرنسي، ساركوزي، حاول بدوره إقناع الرأي العام بأن ما حدث مؤخرا في النيجر قد يكون ضريبة مكافحة الإرهاب، حيث حذر عقب لقائه بالرئيس الأمريكي، باراك اوباما، من الضعف في مكافحة الإرهاب، وهو ما جاء في بيان التعزية الذي أصدرته الرئاسة الفرنسية، بأن مقتل الفرنسيين المختطفين لن يثني عزيمة باريس ويعزز التزامها بمكافحة الإرهاب الهمجي بلا هوادة. من جهة أخرى، يطرح حديث ساركوزي عن تحالف أمريكي، بقوله إن “الولايات المتحدةوفرنسا مصممتان على أن تكونا حليفتين في قضية الإرهاب، نعتبر معا أن الضعف غير مقبول، ولا خيار آخر لدينا سوى مكافحة الإرهابيين في كل مكان يتواجدون فيه”، تساؤلات عن “صيغته” في وقت تسعى فرنسا إلى كسب شرعية التدخل في الساحل، بتوظيف ما تتعرض له على يد جماعات تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، بعد أن اتهمت أمس باريس وباماكو التنظيم بتدبير عملية اختطاف وقتل فرنسيين بالنيجر، ونقل عن مصدر أمني مالي أمس، حديثه عن “أدلة دامغة” تثبت وقوف تنظيم القاعدة وراء عملية القتل، منها وثائق التنظيم الإرهابي وشريحة هواتف، كما أن عددا من السيارات كانت في انتظار الخاطفين على الحدود بين مالي والنيجر لتأمين تهريب الرهينتين. فرنسا، التي وعدت النيجر بدعمها في مكافحة الإرهاب، “ثمنت” تسهيل دخول قواتها تدريجيا إلى منطقة الساحل، رغم تحذير الجزائر من خطورة التدخل الأجنبي، تلقت دعما من الاتحاد الأوروبي الذي عبر على لسان ممثلته العليا، كاترين اشتون، بالالتزام بمواصلة جهوده لمساعدة النيجر، ودول أخرى في المنطقة لمكافحة التطرف والعنف، وذكرت، وفق ما نقلته وزارة الخارجية الفرنسية، الغرض بتحضير إستراتيجية شاملة لمعالجة قضايا الأمن والتنمية والقضاء على تهديد الإرهاب في منطقة الساحل. ورفض الناطق الرسمي للكيدروسي، برنار فاليرو، الخوض في ملف الرهائن الفرنسيين الخمسة المختطفين في منطقة الساحل، وما يكون التنظيم الإرهابي قد طلبه من باريس، بحجة اعتماد السرية، الأمر الذي يجعل فرنسا تواجه معضلة في التمكن من الإفراج عن الرهائن، بين تفاوض وتدخل عسكري وحديث ساركوزي على أن “الديمقراطيات لابد أن لا تخضع”. وطالبت باريس من النيجر تعزيز الإجراءات الأمنية لحماية رعاياها ومصالحها في لقاء لوزير الدفاع ألان جوبيه، برئيس المجلس العسكري الحاكم في النيجر، والذي أعرب له عن “تحية فرنسية للسلطات النيجيرية للالتزام الذي أبدوه والتنسيق الممتاز مع السلطات الفرنسية”.