كشفت مصادر طبية مضطلعة من مصلحة الاستعجالات بالمستشفى الجامعي لوهران عن إحصاء 14 محاولة انتحار منذ مطلع السنة الجارية، منها 6 شباب و3 رجال والباقي من العنصر النسوي، وذلك بعد تراكم الضغوطات النفسية التي أملتها ظروف اجتماعية قاهرة جعلت هؤلاء الأشخاص يقبلون على الانتحار لوضع حد لحياتهم. تكفل الطاقم الطبي بمستشفى وهران بتقديم كافة الإسعافات الأولية وبإخضاع المصابين إلى عمليات غسيل المعدة من بقايا آثار المواد الكيماوية القاتلة التي تناولوها ومنها ماء الجافيل والأدوية الفاسدة ومحلول الماء الحامض ومختلف مواد التنظيف، إلى جانب الأدوية المخصصة لقتل الجرذان. وهي الظاهرة التي أصبح يلجأ إليها العديد من الشباب الذي سئم العيش في غياب التكفل الاجتماعي والنفسي بهم بعد انتشار ظاهرة البطالة التي أصبحت من بين الأسباب الكبرى التي جعلت الشباب يقبلون على الانتحار، خاصة بالنسبة لخريجي الجامعات الذين قضوا وقتا طويلا في البحث والدراسة وفي آخر المطاف وجدوا أنفسهم في الشارع، وذلك ما زاد من غليانهم، حيث لم يعد أمامهم أمل بعدما دقوا أبواب الإدارات ولم يجدوا بصيص الأمل. وقد جاءت هذه المعطيات حسب طبيب مختص جراء الجلسات النفسية لهذه الحالات، فيما يقدّر عمر المقدمين على محاولات الانتحار ما بين 16 إلى 45 سنة، كما سجلت ذات المصلحة ما يقارب 84 محاولة انتحار السنة الماضية منها 24 حالة انتحار تم الوقوف عندها، حيث حوّلت جميع تلك الجثث على مصلحة الطب الشرعي وحفظ الجثث. وكانت آخر عملية انتحار سجلت هذه السنة بحي الحمري، بعدما أقدم شاب على شنق نفسه بحبل معلق على شجرة، وهي العملية التي اهتز لها سكان حي الحمري نتيجة المنظر المأساوي الذي كان عليه الشاب بعدما لقي حذفه. والمثير للتساؤل أن ذلك يحدث في غياب الدور الحقيقي للحركات الجمعوية التي من شأنها توعية هؤلاء الشباب وإرشادهم إلى طريق الصواب للتخفيف من معاناتهم، ومد يد المساعدة لهم لتجاوز الظروف الاجتماعية الصعبة التي يجتازونها، بعدما أصبحت ظاهرة الانتحار تنخر المجتمع الجزائري في العمق، وهو الوضع الذي بات يدق ناقوس الخطر بضرورة التكفل بالشباب على وجه الخصوص ومن أجل احتواء الظاهرة التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء.