أعترف بأنني أقحمت أبا هريرة في العنوان من أجل النكتة ليس إلا، وفي سياق وزن اسم من استفزّ قلمي اليوم. وهو “أبو جريرة” الذي طلع علينا مساء الأربعاء في برنامج “حوار الساعة” على القناة المنكوبة، في سابقة لهذا الراقي (ليس صفة وإنما مهنةً).. سابقة لابد من التركيز عليها، لأنها لم تأت من عدم، فمن أين استمد الرجل هذه الشجاعة ؟ وهو الغارق في نعم النظام، يجاور الحكام في الائتلاف وفي نادي الصنوبر ويكفر بالنعمة لأن أبناءه لم تعد تكفيهم إقامة النادي الراقي ويريدون الدراسة بالعواصم الغربية مثل أبناء جيرانهم. كلما سمعت كلام هذا الرجل إلا وزدت ثقة في كلام أنور مالك والتهم التي نسبها إليه. أما عن سؤال “من أين أتى أبو جرة بشجاعته التي فاضت كلاما سمجا ؟”، فالجواب واضح، وهو أن الرجل استقوى على الحكم الذي ترعرع في نعمه بما يحدث في الشارع العربي من ثورات سميت اعتباطا ب”الثورات الديمقراطية” وما هي في الحقيقة إلا محاولات انقلاب يتزعمها إسلاميون متطرّفون على أنظمة غارقة في الفساد. فالرجل عندما قال من سنتين أن حزبه سيصل الحكم في 2012، لم يقل هذا اعتباطا وإنما كان على علم بأن هناك مخططا خارجيا بزعامة أمريكا يريد التمكين للإسلاميين من الحكم في البلدان العربية، وأمريكا لم تختر هذا الموقف حبا في الإسلاميين، وإنما تجنبا لشرورهم في بلادها ليس إلا. أبو جرة عندما دخل التحالف كان بهدف معرفة النظام من الداخل، تطبيقا لمبدأ اليوسفية (نسبة إلى سيدنا يوسف عليه السلام)، وتنازل عن الوزارة بغير حقيبة تحضيرا للمرحلة الحالية، وهي مرحلة الوصول إلى الحكم على ظهر حراك التغيير الذي يشهده الشارع العربي، ونسي أبو جرة أن الجزائريين يعرفون الفساد الذي غرق فيه وزراء حمس، وأن حركته رمز للفساد الذي نخر جسم الجزائر، وربما لذلك لم يقو على الرد على أسئلة الصحفيين حول قضايا الفساد وتهرّب منها. لا يجب أن يغيب على أذهاننا أن حمس هي جزء من تنظيم عابر للقارات اسمه “الإخوان المسلمون”، والإخوان في مصر التفوا اليوم على انتفاضة الشارع العربي، ويحاولون الالتفاف على ثورة الشعب في كل من ليبيا واليمن وسوريا، مثلما يحاولون بشيء من الهدوء والتكتيك الالتفاف على ثورة البوعزيزي في تونس، مستغلين بدهاء مواقف الدول الغربية المغلفة بمبادئ الديمقراطية ظاهريا والمبطنة بمصلحة الغرب في خيرات الشعوب العربية التي تعتقد أنها ليست أهلا لهذه الثروات. لم يأت أبو جريرة بأي حلّ في برنامج “المنكوبة”، وكل ما فعله أنه صرخ ودوّى في هدير لا ينتهي، محاولا إخافة النظام وكل من ليس معه، وفي كل مرة كادت منشطة الحصة ومن آزرها من صحفيين أن تفتك منه فكرة واضحة أو حلولا مفترضة للمشاكل القائمة، إلا وتهرّب الرجل بسوفسطائيّة إخوانيّ محنّك في الكلام فقط، مدعيا أن حلوله تخص شباب الحركة، وهو الموقف الذي يعطينا فكرة واضحة عن مستقبل البلاد إذا وصل هذا المشعوذ إلى الحكم، لا قدر الله.