تحولت الوقفة الاحتجاجية التي كان الأطباء المقيمون يريدون تنظيمها صباح أمس أمام مقر رئاسة الجمهورية، إلى مسيرة كبيرة بعدما قامت مصالح الأمن وقوات مكافحة الشغب بالتدخّل ومنعهم من التجمع، وقاموا بتوقيف العديد منهم، بعد أن وصلت المسيرة حتى ساحة أول ماي لتنتهي بتجمع كبير أمام المستشفى الجامعي مصطفى باشا لم يكن يتوقع الأطباء المقيمون وحتى مصالح الأمن بالزيين الرسمي والمدني وكذلك قوات مكافحة الشغب أن تتحول الوقفة الاحتجاجية التي قررها التكتل المستقل للأطباء المقيمين أمام مقر رئاسة الجمهورية بالمرادية للمطالبة بحقوقهم إلى معركة ومشادات كلامية في البداية لتأخذ بعدها الأمور منعرجا خطيرا لتتحول في وقت قصير إلى عراك واشتباكات بالأيدي.
الاعتداء على بعض الأطباء المقيمين فجر الأوضاع تأجج الأوضاع بدأ لما منعت مصالح الأمن التي تجندت بقوة مدعومة بقوات مكافحة الشغب وحاولت صد المجموعة الأولى المكونة من قرابة 400 طبيب مقيمين بالقرب من المدخل الرئيسي لثانوية الشيخ بوعمامة من مواصلة السير باتجاه رئاسة الجمهورية لتنفيذ الوقفة الاحتجاجية، لكن إصرار الأطباء المقيمين قابلته قوات مكافحة الشغب بالدفع إلى الخلف مع ضرب طوق أمني شديد وحاصرت المكان بشاحنات وسيارات الشرطة ليختلط اللونين الأزرق بالأبيض، وتتدخل بعدها الشرطيات في محاولة منهن لكبح جماح الطبيبات المقيمات، وقامت إحدى الشرطيات بتعنيف طبيبة ليشرع زملاؤها وزميلاتها في الاندفاع بقوة تجاه الشرطية ودفعها إلى الخلف ليشرع الجميع في الهتافات “بكالوريا زائد 12 سنة دراسة”، “نحن لسنا بحاجة إلى الشرطة، الأطباء المقيمون متحضرون”، وفي رحلة الكر والفر بين الطرفين، زادت حادثة أخرى الوضع تعقيدا بعد اعتداء أحد رجال الشرطة بالضرب على طبيب آخر وهو ما لم يتقبله هذا الأخير ليدخل الشخصان في مشاجرة أمام الجميع وعلى مرأى المواطنين المارين من هناك بسياراتهم لتتوقف حركة المرور والسير ويشرع الفضوليون في اقتحام المكان، لستمتر المواجهات بين الطرفين بالتشابك بالأيدي. ولم يتوقف الأطباء المقيمون عن ترديد الشعارات والتنديد بسياسة الحڤرة واللامبالاة التي انتهجتها الوزارة الوصية ومن بين الشعارات “لسنا إرهابيين حتى تقابلونا بالشرطة”، الأطباء المقيمون غاضبون”، الكرامة الكرامة والإضراب غير منته” طبعا هذه الشعارات كان المحتجون يرددونها باللغة الفرنسية. مكبرات الصوت لتعبئة المحتجين والتنديد بالممارسات القمعية وفي حدود الساعة منتصف النهار وأربعين دقيقة تمكنت مصالح الأمن من ضرب طوق أمني وقامت بمحاصرة الأطباء المقيمين في الجهة المحاذية للرصيف أسفل سفارة المملكة المغربية وجعلتهم يتجمعون ومنعت زملاءهم القادمين من محول الطريق الرئيسي غير البعيد عن مكان تجمعهم، ليغتنم هؤلاء الفرصة ويشرعوا في لوم مصالح الأمن وقوات مكافحة الشغب على استعمال القوة ضدهم والاعتداء بالضرب على زملائهم، مذكرين إياهم بأنهم من يشرف على علاجهم ومداواة أوليائهم وزوجاتهم، وأبنائهم وهذا بالتزامن مع وصول تعزيزات أمنية لقوات مكافحة الشغب التي رصت شاحناتها على طول الطريق الرابط بين رئاسة الجمهورية بالمرادية حتى مبنى الإذاعة والتلفزيون المقابل لمديرية الوظيف العمومي وسط انتشار مكثف لرجال البذلة الزرقاء والعاملين بالزي المدني. وفي تلك الأثناء، شرع أحد ممثلي الأطباء المقيمين الذي كان يحمل مكبرا للصوت في ترديد الشعارات والهتافات مرة أخرى، وبعدها أخذ الكلمة ممثل آخر عن الطلبة المقيمين وقال أن خروج أصحاب المآزر البيضاء اليوم هو من أجل المطالبة بحقوقهم لان الطبيب المقيم يعيش في الجحيم، معتبرا أن تجاهل وزارة الصحة لمطالبهم والتكفل بانشغالاتهم سيزيدهم إصرارا أكثر للحصول على حقوقهم، مضيفا أن الراتب الشهري الذي يتلقاه الطبيب المقيم لا يتعدى 30 ألف دينار، وهي أجرة لا تضمن الكرامة، متسائلا في نفس الوقت عن طرح السلطات العمومية لظاهرة هجرة الأدمغة والتي في كل مرة تتحدث عنها وعن أسبابها فرد عليه زملاؤه أن هذا الاحتجاج واحد من هذه الأسباب، وحمل المتحدث الحكومة والوزارة الوصية المسؤولية الكاملة في حال هم قدموا استقالتهم الجماعية. وكان بعض الأطباء المقيمين من المجموعة الثانية التي كانت بصدد الالتحاق بالمجموعة قد فرقتها مصالح وأوقفت العديد منهم وقدر عددهم ممثل التكتل المستقل للأطباء المقيمين، مروان سيد علي، في تصريح ل “الفجر” بأنهم عشرات تم توقيفهم ولكن تمسك الأطباء المقيمين بإطلاق سراحهم والتهديد بالبقاء في مكان الاحتجاج جعل مصالح الأمن تطلق سراحهم والتي لم تتوقف استفزازاتها للأطباء المقيمين. مسيرة اتجاه ساحة أول ماي على وقع النشيد الوطني في حدود الساعة الواحدة والنصف زوالا، شرع الأطباء المقيمون في السير جماعات جماعات فظنت مصالح الأمن أنها تمكنت من تفريقهم لكنها تفاجأت بتحول الاحتجاج إلى مسيرة كبيرة؛ حيث انتشر المئات من الأطباء المقيمين من الجنسين وسط الطريق لتتوقف حركة السير والمرور وهو ما جعل قوات مكافحة الشغب وعناصر الشرطة يصابون بالارتباك من وقع ما حصل وتحول في بضع ثوان لتفقد بذلك السيطرة على الوضع ويشرع الأطباء المقيمون في التدافع والسير نحو الأمام وقوات مكافحة الشغب لم تجد وسيلة أخرى سوى قمع المحتجين وإجبارهم على التراجع للخلف لكنها لم تنجح في ذلك لتنفلت الأمور من بين أيديها وينطلق أصحاب المآزر البيضاء في السير وترديد الهتافات والشعارات متجاوزين بذلك الطوق الأمني والحصار المفروض عليهم وينطلقوا باتجاه ساحة أول ماي وعناصر الشرطة يلاحقونهم خاصة بالزي المدني، وما أن وصلوا إلى ساحة أول ماي حتى التفوا هناك واتجهوا بعدها إلى الساحة المقابلة للمستشفى الجامعي مصطفى باشا لينظموا بعدها وقفة احتجاجية أمامه ويشرعوا مجددا في ترديد الهتافات والشعارات من جديد لتلحق بهم قوات مكافحة الشغب من جديد وتضرب عليهم طوقا أمنيا حتى يبقوا في مكانهم. مصور جريدة “الخبر” يتعرض للاعتداء ومصادرة آلته تعرض مصور جريدة “الخبر” أ. شيخي للاعتداء من طرف قوات مكافحة الشغب لدى محاولته التقاط صور للاحتجاج الذي حاول القيام به أمس الأطباء المقيمون أمام رئاسة الجمهورية، لكن بعض أفراد قوات مكافحة الشغب منعته من القيام بمهمته واعتدت عليه، ما تسبب في تحطيم آلة التصوير التي كان يستعملها والتي تمت مصادرتها من طرف مصالح الأمن. يحدث هذا بعد أقل من 24 ساعة من الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير!