عندما يصاب المواطن بوعكة صحية فإن أول ما يقوم به هو زيارة الطبيب من أجل تشخيص الداء ووصف الدواء، لكن في بعض الأحيان يستعصي علاج المرض فيضطر إلى زيارة طبيب ثان وثالث ورابع فيغلب عليه اليأس ويبدأ في التعلق بخيوط الأمل وإن كانت رفيعة، التي منها اللجوء لأحد المعالجين بالأعشاب علّه يشفى على يديه ولا يختلف الأمر هنا بين الفقير والغني فالتماثل للشفاء هو مطلب الجميع. الجزائريون كغيرهم يعتقدون بفعالية التداوي بالأعشاب وإن أبدوا بعض التخوف منه، فهم يؤمنون بالتجربة، خاصة وأن بعض النباتات تقدر على علاج ما لم يقدر عليه الدواء الكيميائي، لهذا فإن الناس لا يتوانون عن الاستفسار وطلب النصيحة من أحد الشيوخ أو العجائز الذين خبروا أسرار الطبيعة ودفعتهم الحاجة إلى اللجوء إليها، كما أنهم يفوتون فرصة زيارة المختصين في العلاج بالأعشاب الذين يجتهدون في البحث عن منافع الأعشاب الطبية واستخداماتها، واستطاعوا كسب ثقة المرضى من خلال وصفاتهم. مواطنون يدافعون عن الطب الشعبي بعد نجاحه في علاج أمراض كثيرة يدافع الكثير من المواطنين على الطب الشعبي كونهم استفادوا من وصفاته وتماثلوا للشفاء بفضله، أحسن من الدواء الكيميائي من حيث آثار المواد الكيميائية التي يحتويها وأعراضه الجانبية، بالإضافة إلى أنه غير مكلف مقارنة بالأدوية الكيميائية، فنلاحظ أن هذا الطب هو منقذ الفقراء، لكن الأغنياء وميسوري الحال، أيضا، يلجأون إليه إذا اضطرتهم الظروف ولم يجدوا الشفاء عند الأطباء المختصين، لكنهم يجدون حرجا كبيرا في الاعتراف بأنهم يرتادون معالجا شعبيا. تحصلنا على شهادات حية لمواطنين قاموا بالتداوي بالأعشاب منهم السيدة لويزة، التي أخبرتنا عن معاناتها الطويلة مع المرض، وكيف أنها عالجت عند سيدة تدعى مليكة وشفيت من عدة أمراض منها حصى المرارة ثم مرض القولون، كما أنها تابعت عندها العلاج من الكيس المائي وأخبرتنا أن كل أفراد عائلتها تقصدها لأن وصفاتها استطاعت القضاء على أمراض عجز أمامها الطب الحديث، وهو حال السيدة خيرة التي كانت تعاني من داء البواسير، وزارت خمسة أطباء ولم تشف من مرضها لكنها شفيت على يد السيدة مليكة بعد أن التزمت بنصائحها. داء “الصدفية” أعيا الكثير من الأشخاص ولم يوجد له علاج شافي إلا بعض المهدئات واستطاع الطب الأعشاب علاجه، أحد رجال الأعمال القادم من ولاية سطيف قصد محل السيدة مليكة في عين بنيان بعدما قام بزيارة العديد من الأطباء المتخصصين في الأمراض الجلدية، ووصفت لابنه علاجا وما لبث إلا أياما بعدها واتصل بها يشكرها ويقول إن ابنه تماثل للشفاء. التهاب المفاصل، المرارة.. كلها أمراض يمكن علاجها بالأعشاب تقربنا من هذه السيدة التي سمعنا عن خبرتها في العلاج بالأعشاب وكان لنا حديث مطول معها كشفت لنا فيه عن سر نجاحها في هذا الميدان. هي السيدة مليكة من بلدية عين بنيان تمارس الطب الشعبي منذ سنوات، استطاعت أن تكسب ثقة الأهل والجيران وصار الناس يقصدونها من ولايات الشرق والغرب، ويأتون إلى مكان عملها أو يتصلون بها هاتفيا لأخذ النصيحة منها لتخفيف الألم والتنسيق معها لأخذ موعد الزيارة وأخذ العلاج الشافي. في هذا السياق، تقول إنها تتلقى اتصالات في ساعات متأخرة من مرضى غلبهم الألم أو أمهات حيرهن مرض أطفالهن فتوجه لهن نصائح بسيطة للتخفيف من الألم إلى وقت زيارتها في الصباح. أخبرتنا السيدة مليكة أنها تعلمت هذه المهنة من حماها وحماتها، فهما كانا يمارسان المهنة إبّان الاستعمار وكان بيتهما المتواضع مقصد الكثير من الناس خاصة وأن زيارة الطبيب العام في تلك الفترة لم تكن متاحة للجميع وأضافت “حتى أن بعض الفرنسيين كانوا يقصدونهما للعلاج، وبعد الاستقلال اقترحوا عليهما زيارتهما في بلادهم”. من بين الأمراض الكثيرة التي تعالجها هذه السيدة أمراض المفاصل، مشاكل القولون، حصى المرارة، المعدة، سقوط الشعر وكل الوصفات التي تستخدمها نتاج البحث والتجربة لمدة سنوات، وهي تريد الحفاظ عليها، خاصة أنها أثبتت فعاليتها مع العديد من المرضى وجنبتهم مخاطر إجراء عمليات جراحية. وفي هذا السياق تقول إنها تغلبت على داء البواسير الذي أنهك العديد من المرضى خاصة وأنه يسبب الإحراج للعديد منهم، فيبقون صامتين إلى أن يتطور وتزيد أضراره. وفي سياق حديثها ذكرت لنا حالة أحد كبار السن، الذي كان يعاني من هذا الداء لسنوات وازداد خطره عليه ولم يكن في يد الأطباء حلا سوى إجراء عملية جراحية له، لكن بعد أن تأجل موعد إجراء العملية، تضيف “قصدني هذا الشيخ ووصفت له خليطا من الأعشاب وبعد استخدمه تحسّنت حالته كثيرا وألغى الأطباء العملية الجراحية”. في الوقت الراهن هي بصدد تركيب خلطة تفيد في معالجة الصلع وستكون متوفرة بعد 3 أشهر تقول محدثتنا إنها ستجلب إحدى الأعشاب الطبية من السعودية وتنتهي منه. مقولة “إن لم تنفع لا تضر” خاطئة بعض الناس لا يعرفون خطورة استخدام الأعشاب ويؤمنون بقوة بالمقولة “إذا لم ينفع لا يضر”، فنجان واحد من مشروب عشبة سامة كفيل بأن ينهي حياة المريض، والأمثلة في الواقع كثيرة، حيث لقيت سيدة في الأربعين من عمرها حتفها منذ أسابيع قليلة، بعد أن شربت مغلى عشبة اشترتها من ولاية المدية بعد أن سمعت أنها مفيدة لمرض القولون، وبعد الوفاة تم إجراء الفحوصات والتحاليل الطبية ليكتشف أن العشبة سامة وأن بائع الأعشاب أخطأ في نوع العشبة التي باعها إيّاها. في هذا السياق تقول السيدة مليكة إن الناس لا بد أن يدركوا خطورة بعض الأعشاب وأن بعضها سام ولا بد من استعمال الأعشاب الطبية بالمقدار المحدد وتحت إشراف مختص في التداوي بالأعشاب الذي يكون محل ثقة، وهنا تقول بأنها تلقت حالات كثيرة أخطأت في استعمالها، منها أحد الفتيات اللواتي أكثرت من شرب مغلى الحلبة حتى أصيبت بانخفاض في معدل السكر في الدم، مشيرة إلى أن الحلبة من النباتات المعروفة بفوائدها الطبية الكثيرة، لكن من لا يحسن استخدامها أو يكثر منها معرض للخطر. الاستعانة بطبيبة في التشخيص وبصيدلي في شراء الأعشاب سر نجاح مليكة تؤكد السيدة مليكة أن الطب الشعبي له فوائد كثيرة في حال التشخيص الجيد للمرض، ونظرا لكونها لم تدرس الطب ولم تحصل على أية شهادة في مجال العلاج بالأعشاب، إذ تعتمد الوصفات التي ورثتها عن حماها، فهي تتوخى الحيطة والحذر فلا تستخدم النباتات الخطرة بالإضافة إلى البحث المتواصل في الكتب للإلمام بمعلومات عن الأعشاب، بالإضافة إلى ذلك فهي تستعين بطبيبة حيث تلجأ إليها للإستفسار عن طبيعة الخلل البيولوجي الذي يعانيه المريض لمعرفة أسباب المرض وبالتالي وصف العلاج المناسب. وقامت بإعداد مشتلة بجوار منزلها، بغرض المحافظة على الأنواع العشبية المفيدة في العلاج. كما أنها تقوم بالتنسيق مع صيدلي مسن، فهو من يقوم بشراء الأعشاب من المناطق الداخلية على غرار واد سوف والجلفة على اعتبار أنهما منطقتان معروفتان بالنوعية الجيدة للأعشاب نظرا لظروفهما المناخية التي تساعد على حفظ النباتات من التلف.