أصدر مؤخراً، الباحث والأستاذ الجامعي الطاهر توات، كتابا جديداً تناول فيه عدد من الشخصيات التي أثرت في المشهد التلمساني، خاصة في جانب الموسيقى الأندلسية. الكتاب هذا الذي وسم ب”شخصيات تلمسانية أندلسية..ومظاهر من الثقافة الإسلامية”، صدر عن منشورات “دار الهدى”، بالعاصمة، في طبعة أنيقة، أراد من خلاله الباحث والجامعي المختص في الأدب المغربي القديم بجامعة الجزائر، الوقوف عند بعض المحطات التاريخية لمدينة تلمسان، خاصة تلك التي تتعلق بعدد من الشخصيات التي تركت آثارها في الثقافة الإسلامية، كشخصية محمد بن خطّاب، التي تمثل ظاهرة الكتابة الإنشائية والتي هي ثمرة من ثمرات الحضارة الإسلامية، كما كانت هذه الشخصية، كانت أبرع في الفقه من غيرها. أما الشخصية الثانية التي سلّط عليها الضوء في هذا المؤلف الذي جاء في حوالي 150 صفحة من الحجم العادي، هي شخصية محمد بن خميس، الذي يعد ابن عاصمة الزيانيين، وقد تميز بالتصوف السني، الذي ميز عدّة بلدان من المغرب والأندلس خاصة، لأن أقطاب التصوف الإسلامي هم من هذه البلدان كالشاذلي، والششتري وغيرهم. وغير بعيد هذه الشخصية، نجد شخصية الفقيه ابن هدية القرشي، الذي كان قاضي قضاة تلمسان، وكان يعرف بالفقيه الملتزم المدافع المنافح عن الفقه الشرعي أمام الفلاسفة المتصوفين، الذين انحرفوا عن خط الفقهاء والملتزمين بهذا الفقه إلى وجهات أخرى كالتفلسف، لأن الفلسفة عند هؤلاء ما هي إلا عبارة عن الزندقة البحتة والكفر الواضح، كما اتهمت بذلك محكمة الفقهاء بفاس ابن خميس ابن بلد ابن هدية نفسه على الآراء والأفكار المتضمنة لها آثاره الشعرية والنثرية. بالإضافة إلى هذه الشخصيات، تناول المؤلف أيضا في عمله هذا، شخصية أبي حمّو موسى الزياني، والتي تمثل بدورها -حسب الكاتب -، ظاهرة في الشعر الديني أو المولديات التي كانت تلقى احتفاء بليلة المولد النبوي الشريف، وهذه الشخصية التي كان ميلادها في غرناطة، كان على علاقة وثيقة بملوكها، وقد بيّن الكتاب نوع هذه العلاقة بإيجاز. يمكننا في الأخير أن نقول إن هذه الشخصيات التي ركّز عليها الأستاذ توات، كانت من المراكز الإسلامية المهمة في المغرب الإسلامي كالقيروان، المهدية، فاس، مراكش، اشبيلية، قرطبة، غرناطة وغيرها من الدول التي تنتمي إلى العالم الإسلامي. يذكر أنّ هذا العمل صدر عن منشورات “دار الهدى”، في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية 2011.